تونس 23 أوت 2010 (وات)- تحظى التنمية البشرية باهتمام دولي متزايد باعتبارها من المؤشرات الأساسية التي يقاس بها تقدم الشعوب ونموها. فهي المرآة العاكسة لمدى التوفق في تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية وبين التوزيع العادل والمنصف للثروة الوطنية على مختلف الفئات الاجتماعية والجهات. وقد اعتمدت تونس في سياستها التنموية مقاربة للنهوض بالموارد البشرية تميزت بالخصوص بالشمولية وبالارتكاز على مبادئ التضامن والتكافل والسعي نحو الأفضل. كما جعلت من الارتقاء بمستوى عيش كل التونسيين والتونسيات وتوفير جودة الحياة لهم في المدن والأرياف هدفا أساسيا سعت إلى تجسيمه من خلال عديد الإصلاحات والخطط والبرامج وآخرها البرنامج الرئاسي "معا لرفع التحديات". وساهمت هذه المقاربة التي أخذت في الاعتبار قيمة العنصر البشري كفاعل وكمستفيد أول، في تحقيق نتائج طيبة في مجال التنمية البشرية. فقد تطور معدل الدخل الفردي من 4856 د سنة 2007 إلى 5631 د سنة 2009، وارتقى مؤمل الحياة عند الولادة من 2ر74 عاما إلى 4ر74 عاما خلال نفس الفترة التي شهدت كذلك شبه استقرار في نسبة البطالة بالرغم من الصعوبات الناجمة عن الأزمة الاقتصادية العالمية. كما تم تسجيل تحسن ملحوظ في العديد من المؤشرات في مختلف المجالات لا سيما في ما يتعلق بتمكين المرأة ودعم مشاركتها في العمل الإنمائي وتحسن مستويات وظروف العيش والحد من الفقر ودعم الطبقة الوسطى. وسيتم خلال الفترة المقبلة التركيز على دعم المكاسب المسجلة في المجال التنمية البشرية، من خلال اتباع سياسات قطاعية وبرامج تنموية تكفل الارتقاء بتونس إلى مصاف الدول ذات معدلات التنمية البشرية المرتفعة، حيث ينتظر أن يصل مؤشر التنمية البشرية إلى 810 ر0 سنة 2014 مما يؤهل تونس إلى الالتحام بكوكبة البلدان المتقدمة. ومن المنتظر أن تتعزز خلال سنوات المخطط الثاني عشر للتنمية 2010-2014 جهود تحسين ظروف عيش المتساكنين ودعم الدخل الفردي ليبلغ في أفق سنة 2014 حوالي 8371 دينار إلى جانب إضفاء مزيد من العدالة على توزيع الدخل مما يمكن من استهداف جل الفئات الاجتماعية والجهات. واعتبارا لأن توفير مواطن الشغل والتقليص من البطالة من أهم العوامل المساهمة في تحسين الدخل ودعم الطبقة الوسطى والتقليص من الفقر والإقصاء، يهدف منوال التنمية للسنوات القادمة إلى تعزيز نسق إحداث المؤسسات الاقتصادية لا سيما في المجالات المشغلة. وينتظر في هذا الصدد توفير نحو 415 ألف فرصة عمل جديدة بما يمكن من تغطية 114 بالمائة من الطلبات الإضافية للشغل والتقليص من نسبة البطالة لتصل إلى 6ر11 بالمائة سنة 2014 مقابل 3ر12 بالمائة في 2009، إلى جانب تفعيل مساهمة الجهات في الدورة الاقتصادية وتحسين مستوى النمو الاقتصادي ليبلغ 5 فاصل 5 بالمائة. كما سيتم العمل خلال نفس الفترة على تكثيف شبكات الأمان الاجتماعي وإرساء مقومات الاقتصاد التضامني وتوفير موطن شغل أو مورد رزق على الأقل لأحد أفراد كل أسرة، إلى جانب توسيع الشراكة مع النسيج الجمعياتي في مجال الإحاطة بالفئات الهشة والارتقاء بهذه الشراكة ضمن اقتصاد اجتماعي تضامني. وسيكون لمختلف مكونات السياسات التنموية وخاصة منها السياسة الصحية والسكانية وتلك المتصلة بتحسين نوعية الحياة في مختلف الجهات وتحسن مستويات العيش والمستويات التعليمية عند المرأة الأثر الايجابي على مؤمل الحياة عند الولاة الذي من المنتظر أن يصل إلى 2ر75 عاما سنة 2014 . وسيتم العمل خلال الخماسية المقبلة على تخفيض نسبة وفيات الأمهات إلى 20 لكل 100 ألف ولادة حية ونسبة وفيات الأطفال إلى 5ر12 بالألف وإلى ما دون 10 بالألف قبل سنة 2020، وتخفيض نسبة وفيات الولدان إلى 5ر8 بالألف في موفى 2014. كما سيجري العمل على مزيد التقليص من نسبة الأمية الجملية إلى أقل من 4ر14 بالمائة والنزول بنسبة الأمية للذين تفوق أعمارهم 60 سنة إلى أقل من 9 بالمائة في أفق 2014 مقابل 6ر12 بالمائة سنة 2009 . كذلك سيشهد القطاع الصحي عديد الإنجازات الهامة الرامية إلى تحسين مختلف مؤشرات القطاع وتأهيل المؤسسات الصحية وإحداث عدد من الأقطاب الاستشفائية الإقليمية والجهوية المختصة لتقريب الخدمات من المواطنين ودعم طب الاختصاص بالجهات. وتستند التوجهات المرسومة ضمن المخطط الثاني عشر للتنمية 2010-2014 أيضا إلى رصيد المكاسب التي توفقت تونس في تحقيقها في مجالات التربية والتعليم والتكوين، التي تخصص لها 7 فاصل 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مما جعل البلاد في مقدمة الدول التي تستثمر في تنمية الموارد البشرية. وفى هذا الإطار ستشهد جهود إصلاح قطاعات التربية والتكوين والتعليم العالي دفعا جديدا بهدف الارتقاء بجودتها ودعم إسهامها في رفع التحديات المستقبلية وبناء مجتمع الذكاء والمعرفة فضلا عن تأهيلها لمواكبة المتغيرات العالمية والاستجابة لمقتضيات التنمية الاقتصادية.