لم نتخيل يوما أن فقدانهم الأمل بلغ بهم المنتهى... يجازفون بأرواحهم في قوارب الموت مصوبين بوصلتهم إلى بلد موبوء حصد فيه فيروس كورونا آلاف الأرواح ولم تتم السيطرة عليه إلى الآن.. هل هو الحلم بالجنة الموعودة على الأراضي الأوروبية تملّكهم، أم أنه انتحار مقنع في شكل محاولة لاجتياز الحدود نحو مستقبل أفضل؟ أسئلة عديدة تتبادر إلى الأذهان وتضاف إلى لائحة الأسئلة حول الإقبال الجنوني للشباب التونسي على الهجرة غير النظامية رغم يقينهم بأن قوارب الموت كثيرا ما ينتهي بها المطاف إلى قعر البحر. "قارب الموت كما تسمونه هو فرصتنا الأخيرة لتحقيق أحلامنا.. هو حبل النجاة بالنسبة إلينا.. لا نخاف الموت لأنه يزورنا في اليوم أكثر من مرة.. البطالة والفقر والخصاصة والاحتياج موت أيضا لكنه موت بطيء أرهقنا وأعيانا.." (س.م) شاب لم يتجاوز بعد العشرين من عمره حاول اجتياز الحدود لأكثر من مرتين رغم صغر سنه لكن قوات الحرس البحري أحبطت مخططاته واصدقائه وأنقذتهم من موت محقق. ليس لهؤلاء الشباب الذين أصبحوا مخيرين بين الموت والحياة حلم، سوى العمل الذي من خلاله يقتاتون هم وعائلاتهم، والذي يضمن لهم الكرامة والعدالة الاجتماعية خاصة بعد طول سنوات البطالة وارتفاع نسبة العاطلين عن العمل وتقطع السبل أمامهم. ومهما تكثفت محاولات إقناعهم بخطورة المجازفة، فإن إصرارهم على بلوغ السواحل الإيطالية لا يوقفه شيء، حتى الكورونا. حوادث الغرق المتكررة لا تثني العازمين على التوجه لأوروبا والحالمين بالعيش فيها فقد شهدت مدينة قرقنة مؤخرا فاجعة راح ضحيتها 55 مجتازا للحدود خلسة أغلبهم من بلدان افريقية. وقد بلغت حصيلة المهاجرين الغرقى الذين انتشلتهم الوحدات العائمة للحرس البحري والحماية المدنية والجيش الوطني بسواحل صفاقس جراء غرق مركب الهجرة غير النظامية للمهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء في الليلة الفاصلة بين 6 و7 جوان الجاري 60 شخصا. وحسب إحصائيات رسمية فإن محاولات اجتياز الحدود خلسة نحو السواحل الإيطالية شهدت انخفاضا ملحوظا نتيجة الحجر الصحي الشامل والمخاوف من الوباء، لكن مع بداية انفراج الأزمة والرفع التدريجي في الحجر، عادت النسب للارتفاع مجددا. وقد تمكنت وحدات الحرس البحري من يوم 17 ماي إلى غاية 25 ماي من إحباط 24 عملية اجتياز غير نظامية وضبط 484 مجتازا من مختلف الجنسيات. وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدراسات تشير إلى أن تزايد عدد المهاجرين غير الشرعيين سيتزايد في الفترة القادمة خاصة أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي تأزم تأثرا بجائحة كورونا، كما فقد العديد من الشبان مواطن شغلهم.