تونس تحتفل بعيد الشغل العالمي وسط آمال عمالية بإصلاحات تشريعية جذرية    دوري ابطال اوروبا.. التعادل يحسم مباراة مجنونة بين البرسا وانتر    شهر مارس 2025 يُصنف ثاني الأشد حرارة منذ سنة 1950    يظلُّ «عليًّا» وإن لم ينجُ، فقد كان «حنظلة»...    الاتحاد يتلقى دعوة للمفاوضات    تُوّج بالبطولة عدد 37 في تاريخه: الترجي بطل تونس في كرة اليد    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    قضية مقتل منجية المناعي: إيداع ابن المحامية وطليقها والطرف الثالث السجن    رحل رائد المسرح التجريبي: وداعا أنور الشعافي    القيروان: مهرجان ربيع الفنون الدولي.. ندوة صحفية لتسليط الضوء على برنامج الدورة 27    الحرائق تزحف بسرعة على الكيان المحتل و تقترب من تل أبيب    منير بن صالحة حول جريمة قتل المحامية بمنوبة: الملف كبير ومعقد والمطلوب من عائلة الضحية يرزنو ويتجنبو التصريحات الجزافية    الليلة: سحب مع أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 15 و28 درجة    عاجل/ الإفراج عن 714 سجينا    عاجل/ جريمة قتل المحامية منجية المناعي: تفاصيل جديدة وصادمة تُكشف لأول مرة    ترامب: نأمل أن نتوصل إلى اتفاق مع الصين    عاجل/ حرائق القدس: الاحتلال يعلن حالة الطوارئ    الدورة 39 من معرض الكتاب: تدعيم النقل في اتجاه قصر المعارض بالكرم    قريبا.. إطلاق البوابة الموحدة للخدمات الإدارية    وزير الإقتصاد يكشف عن عراقيل تُعيق الإستثمار في تونس.. #خبر_عاجل    المنستير: إجماع خلال ورشة تكوينية على أهمية دور الذكاء الاصطناعي في تطوير قطاع الصناعات التقليدية وديمومته    عاجل-الهند : حريق هائل في فندق يودي بحياة 14 شخصا    الكاف... اليوم افتتاح فعاليات الدورة العاشرة لمهرجان سيكا جاز    السبت القادم بقصر المعارض بالكرم: ندوة حوارية حول دور وكالة تونس إفريقيا للأنباء في نشر ثقافة الكتاب    عاجل/ سوريا: اشتباكات داخلية وغارات اسرائيلية وموجة نزوح..    وفاة فنانة سورية رغم انتصارها على مرض السرطان    بمناسبة عيد الإضحى: وصول شحنة أغنام من رومانيا إلى الجزائر    أبرز مباريات اليوم الإربعاء.    عملية تحيّل كبيرة في منوبة: سلب 500 ألف دينار عبر السحر والشعوذة    تفاديا لتسجيل حالات ضياع: وزير الشؤون الدينية يُطمئن الحجيج.. #خبر_عاجل    الجلسة العامة للشركة التونسية للبنك: المسيّرون يقترحون عدم توزيع حقوق المساهمين    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي واستثمارات جديدة في القطاع    نقابة الفنانين تكرّم لطيفة العرفاوي تقديرًا لمسيرتها الفنية    زيارات وهمية وتعليمات زائفة: إيقاف شخص انتحل صفة مدير ديوان رئاسة الحكومة    إيكونوميست": زيلينسكي توسل إلى ترامب أن لا ينسحب من عملية التسوية الأوكرانية    رئيس الوزراء الباكستاني يحذر الهند ويحث الأمم المتحدة على التدخل    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    ابراهيم النّفزاوي: 'الإستقرار الحالي في قطاع الدواجن تام لكنّه مبطّن'    القيّمون والقيّمون العامّون يحتجون لهذه الأسباب    بطولة إفريقيا للمصارعة – تونس تحصد 9 ميداليات في اليوم الأول منها ذهبيتان    تامر حسني يكشف الوجه الآخر ل ''التيك توك''    معرض تكريمي للرسام والنحات، جابر المحجوب، بدار الفنون بالبلفيدير    أمطار بكميات ضعيفة اليوم بهذه المناطق..    علم النفس: خلال المآزق.. 5 ردود فعل أساسية للسيطرة على زمام الأمور    بشراكة بين تونس و جمهورية كوريا: تدشين وحدة متخصصة للأطفال المصابين بالثلاسيميا في صفاقس    اغتال ضابطا بالحرس الثوري.. إيران تعدم جاسوسا كبيرا للموساد الإسرائيلي    نهائي البطولة الوطنية بين النجم و الترجي : التوقيت    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    في جلسة ماراتونية دامت أكثر من 15 ساعة... هذا ما تقرر في ملف التسفير    ديوكوفيتش ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة للتنس    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    شحنة الدواء العراقي لعلاج السرطان تواصل إثارة الجدل في ليبيا    الميكروبات في ''ديارنا''... أماكن غير متوقعة وخطر غير مرئي    غرة ذي القعدة تُطلق العد التنازلي لعيد الأضحى: 39 يومًا فقط    تونس والدنمارك تبحثان سبل تعزيز التعاون في الصحة والصناعات الدوائية    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نقل في سيارات شحن السمك .. ورشوة للعبور من صفاقس الى قرقنة.. هكذا يتم تجميع وتهريب الحارقين
نشر في الصباح يوم 11 - 06 - 2018

اهتز الجنوب التونسي وسط الأسبوع الماضي على فاجعة وفاة 76 شخص غرقا وفقدان حوالي 48 شابا و شابة في رحلة إبحار خلسة من جزيرة قرقنة في اتجاه لامبدوزا الايطالية .معظم الشباب الذين لقوا حتفهم لا تتجاوز أعمارهم ال35 سنة ومن كلا الجنسين ومن من ولايات تونس قابس.. قبلي ..القصرين ..مدنين وتطاوين .
«الصباح الأسبوعي» تحولت إلى الحامة احد المناطق التي فقدت 13 شابا في مقتبل العمر حلمهم الوحيد كان مغادرة البلاد .
معتمدية الحامة هي الأكبر في ولاية قابس من ناحية التعداد السكاني في حدود 130 ألف ساكن تعرف نسبة كبيرة من البطالة .الجميع كان يتحدث على الحادثة على «غرقان الاولاد والشقف» كما يسمونه.. جلسنا و تحدثنا مع بعض العائلات والشباب والأصدقاء والناجين من رحلة الهلاك فكان التحقيق التالي:
اجابة عن سؤالنا حول سبب إقبال حوالي 25 شابا من الحامة على محاولة الإبحار خلسة الى الحدود الايطالية كنا نظن أن السبب هو مادي بالتحديد لكن بعض المقربين من المجموعة أكدوا أن العديد من الشباب ميسوري الحال و أن بعض أصدقائهم قد نجحوا في الإبحار خلسة وقاموا بإرسال صورهم على الفايس بوك لأصدقائهم داعين إياهم بالالتحاق بهم في اقرب فرصة .احد المتوفين ويدعى عقيل يريد الالتحاق بشقيقه في سويسرا و والده رئيس مركز امن في الحامة بالإضافة إلى لاعب كرة قدم في فريق الوداد و مطرب مشهور أصيل ولاية مدنين بالإضافة إلى العديد من ميسوري الحال.. لكن هذا لا يمنع من تواجد حالات مزرية لبعض المشاركين في الرحلة.
من هو الوسيط في هذه الرحلة
من جهة اخرى أكد لنا العديد من الناجين ان الوسيط الذي تكفل بتنظيم الرحلة يدعى «ن- ف- ا» وهو اصيل المهدية وصاحب سوابق عدلية كما انه معروف بتنظيم هذه الرحلات في اكثر من مرة .
... تجميع و رشوة للعبور.
«فما تقطيعة» هي كلمة السر لدى هؤلاء الشباب وتعني قرب انطلاق رحلة جديدة والأغلب تكون عن طريق بعض الوسائط من قبلي وصفاقس ومن قابس والذين يتناقلون المعلومة فيما بينهم..ثمن الرحلة هو ثلاثة ألاف دينار و التجمع في صفاقس.يقول وائل الفرجاني احد الناجين من الرحلة انه قد تم الاتفاق إلى الذهاب إلى قرقنة قبل 10 أيام من الموعد أين يتم تجميع الشباب في منزل متكون من ثلاث غرف ويؤوي 90 شخصا.
الرحلة من صفاقس إلى قرقنة محفوفة بالمخاطر خاصة وان الحرس البحري يمنع التحول الى قرقنة دون سبب لكن نفس المصدر أكد أن العديد تمكن من السفرعبر «اللود « بعد تقديم كل منهم رشوة قيمتها 200 دينار تقريبا لبعض النافذين ..البقية تجمعوا في سيدي منصور ثم تم نقلهم عبر مركب إلى قرقنة في ساعة متأخرة من الليل كما بين ان المعاملات لم تكن على قدم المساواة والأولوية لمن يدفع اكثر في هذه الرحلة.
سيارة لنقل الاسماك ... ملثمين وأسلحة عند الوصول
يواصل محدثنا وائل الفرجاني الناجي من كارثة الرحلة انه وعند الوصول الى قرقنة تم نقل الواصلين عبر سيارة معدة لنقل الحوت بمعدل 15 فرد افي كل رحلة أين اقاموا 10 ايام والسؤال المطروح هو هل أن الأمن لا يعرف بتواجد حوالي 160 شخصا جديدا في جزيرة كقرقنة .يذكر كذلك إنهم كانوا يتناولون يوميا الهريسة والسردينة وهو ما يطرح أكثر من سؤال على الجهات التي توفر هذه المأكولات دون التفطن إليها . ويواصل محدثنا قائلا «يوم الرحلة وقبل آذان المغرب بلحظات انطلقنا إلى شاطئ قرقنة عبر نفس السيارات و عبر طرق ملتوية وعند وصولنا اكتشفنا أن القارب الذي سيحملنا لا يتحمل العدد المهول الذي ينوي قائد المركب الخروج به .بعد قليل شاهدنا القوارب تتوافد وعلى متنها 40 شخصا في كل قارب إلى أن أصبح العدد 186 تقريبا .شاهدت الخوف في عيون الشباب والذين عبروا عن قلقهم إزاء القرار و الذي كان عكس الاتفاق. بحكم تعودي بهذه الأجواء ( محاولة»الحرقة للمرة الرابعة») أحسست أن الخطر قادم خاصة مع تغير الطقس . بعض الشباب رفضوا إلا ان بعض الملثمين والذين كانوا صحبة قائد السفينة هددوهم بالسلاح و أرغموهم على الصعود للمركب»
الرحلة لم تدم أكثر من ساعة ... والقائد قام بإغراق المركب
يواصل محدثنا « انطلقت الرحلة في التاسعة صباحا وبعد ساعة و 10 دقائق تقريبا أصبحنا نشعر بتدفق المياه إلى القارب خاصة وان البعض أصبح يصرخ عندها أعلمنا قائد السفينة أن مضخة المياه أصابها عطب وان العطب لا يشكل عائقا لكن احد الراكبين وهو من جهة صفاقس دخل في نقاش حاد مع قائد السفينة واتهمه بمغالطة المجموعة و إيهامهم بالتوجه للامبدوزا فما راعنا إلا وقائد السفينة يدفعه في عرض البحر لتعم الفوضى و تنطلق الصرخات» .قائد السفينة قام بعدها بتغيير المسار ثم بقلب القارب بعد أن اطمان على مصيره عبر قارب إضافي كان على مقربة من المركب على لسان نفس محدثنا .
ويواصل محدثنا «عندما غرق المركب استطاع البعض والذين يجيدون السباحة النجاة وتعلقوا ببقايا المركب في حين فشل الآخرون وخاصة صغار السن ( احدهم 13 سنة) بقينا للساعة الرابعة صباحا والحمد لله شاهدنا بعض الصيادين والذين أنقذوا العديد من الشباب كما قاموا بحرق ثيابهم لإشعار الحرس البحري المتواجد في الضفة المقابلة والذي تحول فيما بعد لنقل الناجين والعديد من الجثث.
وصلنا إلى مستشفى صفاقس حوالي السادسة صباحا وكان الوضع مزريا خاصة واني شاهدت غرق العديد من أصدقائي وقد فارقوا الحياة بالإضافة إلى صراخ العائلات والعودة إلى الحامة في تلك الحالة «
ماذا بقي من الرحلة
«الحمد لله « تكتبلي عمر جديد هكذا اختتم محدثنا حواره معنا مؤكدا بان الشباب الذي خير السفر خلسة إلى أوروبا مل من الوعود الزائفة ولا يريد شيئا من هذا الوطن
ما حكاية التسجيل الهاتفي
أكد لنا العديد من المواطنين ان بحوزتهم تسجيل صوتي لقائد السفينة وهو يتوعد بإغراق المركب بعد انطلاقها بساعة تقريبا وذلك بعد اتفاق مع بعض اطراف العصابة بالاضافة الى التراخي الامني الكبير عند الخروج و التدخل احتجت العديد من العائلات على الوضع الحالي في البلاد والذي ارغم فلذات اكبادهم على مغادرة بلادهم بتلك الطريقة كما طالبوا بفتح تحقيق ونفذوا مسيرة احتجاجية سلمية.
◗ بولبابة التلمودي
لم لا ؟: تشديد العقوبات ومصادرة أملاك منظمي رحلات الهجرة السرية ..
مازالت فاجعة قرقنة حديث القاصي والداني داخل وخارج الجهة وحتى خارج البلاد التونسية رغم مرور أكثر من أسبوع على هذه الحادثه الأليمة والتي تمثلت في غرق مركب بعرض سواحل الجزيرة وفقدان حوالي مائة شخص تم إلى حد الآن انتشال أكثر من سبعين جثة بين تونسيين وأجانب وينتمي الشباب إلى مختلف مناطق البلاد من جنوبها إلى شمالها والدين ركبوا البحر أملا في مستقبل أفضل لكن.
حول هذه الحادثه الأليمة كان ل «الصباح الاسبوعي» لقاء مع الاستاذ المحامي نعمان مزيد رئيس فرع صفاقس الجنوبية للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي أفاد أن من أهم دوافع الهجرة غير الشرعية لدى الشباب هي انعدام آفاق التشغيل بالبلاد والحلم بواقع افضل خارجها خاصة وأنهم كثيرا ما يسمعون ويعاينون أشخاصا قاموا بالتجربة من قبل وحققوا أحلامهم وتحسنت وضعياتهم،وهم يتخيلون أنهم بواسطة الهجرة غير الشرعية سيحققون أحلامهم وامانيهم في في بناء بيت والزواج وامتلاك سيارة وغيرها.
واشار محدثنا إلى أن وتيرة الهجرة كانت كثيفة ومتسارعة بعد الثورة ثم انخفضت إلا أنها عادت من جديد إلى نسق سريع في أواخر السنة الماضية وبداية السنة الجارية وهو ما يعود حسب رأيه إلى استمرار مستوى البطالة وارتفاعها وكدلك ظهور شبكات محترفة للتهريب والاتجار بالبشر،وهدا ماادى إلى ارتفاع عدد الحارقين -إن صح التعبير- وتزايد الخطر نتيجة استخدام المهربين لمراكب بحرية في وضعية سيئة وكثيرا ما تكون مسروقة وصغيرة وتحمل أضعاف طاقتها من البشر.
مسؤوليه الدولة والبقية
من جهة أخرى حمل مزيد مسؤولية الكارثة الى الحكومة بدرجة أولى اد أنها لم تستطع الاستجابة لتطلعات الشباب العاطل عن العمل وضمان حقه في الشغل والدي هو حق دستوري ودلك رغم تزايد أعداد خريجي الجامعات.كما تتحمل الدول الأوروبية قسطا من المسؤولية بما أنها أغلقت أبوابها أمام الهجرة النظامية ووضعت قيودا شديدة على حرية تنقل الأشخاص وهي تطرح حاليا اتفاقية للتعاون الشامل والمعمق «اليكا» وتستثني منه حرية تنقل الأشخاص وهدا يعتبر تبادل وتعاون غير متكافئ ولا بد أن تقع مراجعته.
كما أن منظمي الرحلات السرية لهم مسؤولية أيضا وهم يعتبرون مرتكبي جرائم حرب ضد الإنسانية خاصة وأنهم يكونون شبكات لتوفير عدد كبير من الحرفاء وتستعين بمساعدين في توفير المركب واللوجستية والتمارين والإقامة قبل الهجرة غير الشرعية،وهؤلاء استفادوا من تقصير واضح للأجهزة الامنية كما أن البعض يتحدث عن تواطؤ واستفادة مباشره من الأموال المتاتية من هذا النشاط،مبينا أن هذا ثابت ومتأكد من خلال بعض الملفات التحقيقية المنشورة أمام قضاة التحقيق بصفاقس،علما بأن فرق الموت لتهريب البشر طورت أساليبها واكتسبت خبرة وأصبحت تستخدم المواقع الاجتماعية المغلقة على شبكة الإنترنت لالتقاط الشباب والقيام بالدعاية عبر الفيديو إضافة إلى التحيل على عملية الرقابة الأمنية التي تتم بميناء الجهة،كما أصبحوا يستعملون قوارب خاصة تنقل الأشخاص بين سيدي منصور وشواطئ قرقنة بمعاليم مرتفعة تفوق 300دينار للشخص الواحد وهدا ما يتطلب متابعة خاصة على أعلى مستوى أمني للتصدي لهذه الآليات الخطيرة.
منوال التنمية والتمييز الإيجابي
وفي خصوص الإجراءات والحلول التي يراها مناسبة لانقاذ الشباب وإبعاده عن الاختيار الخاطئ يرى الاستاذ أن الحلول الناجعة ممكنة وهي تتمثل في أن تتولى الدولة ايجاد برامج خصوصية للعاطلين عن العمل سواء عبر التكوين المهني والمساعدة في تمويل المشاريع الفردية والتاطير والمتابعة،كدلك الاهتمام أكثر بمبدأ التمييز الايجابي والإتجاه نحو إقامة مشاريع بالولايات الاكثر تهميشا والتي تنتشر فيها البطالة وتغيير نمط التنمية عبر الاستثمار في القطاعات الاكثر تشغيلية وهذا من الأدوار الأساسية للدولة.
من جهة أخرى أكد محدثنا أنه ينبغي إيلاء الأهمية اللازمة للجانب الوقائي والعدلي اد لابد من ردع العصابات المنظمة للهجرة غير النظامية وتشديد الرقابة على منافذ الخروج واستباق الرحلات غير المنظمة،كدلك تشديد العقوبات على منظمي رحلات الهجرة غير الشرعية وإجراء تعديلات تشريعية تؤدي إلى مزيد الردع ومصادرة الاملاك والرفع من الأحكام السجنية حتى إلى عشرين سنة.
◗ ابورحمة
أسباب ودوافع «الحرقة».. وأهم المسالك
يتواصل الجدل حول كارثة قرقنة وما خلّفته من ضحايا وصدمة لدى الرأي العام رغم أنّها لا تُعدّ الحادثة الأولى، فعدد رحلات الموت في تزايد منذ سنة 2011 رغم إحباط الكثير منها.
في الوقت الذي اختلفت فيه الآراء إلى حدّ التضارب حول أسباب «الحرقة» والتي تؤكد أنّ البعض من المهاجرين غير النظاميين لا ينتمون بالضرورة إلى الفئات المهمّشة والفقيرة، فإنّ العديد من المحللين والمتابعين للشأن العام يُحمّلون الحكومة مسؤولية هذه الكوارث البحرية لغياب استراتيجيات واضحة للتنمية وللتشغيل وبرامج من شأنها أن تنتشل الناس شبابا وكهولا من وضع التهميش الذين يعيشونه. بالإضافة إلى غياب المراقبة الجدية وتورط بعض الجهات بما فيها الأمنية في تنظيم هذه العمليات «القاتلة».
«الصباح الأسبوعي» تنشر في هذا العدد وفق الدراسة التي أعدها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية أهمّ مسالك الهجرة غير النظامية عبر تونس، إلى جانب بعض الإحصائيات حول عمليات «الحرقة» التي تمّت منذ سنة 2011.
المسالك عبر تونس
تتعدّد مسالك الهجرة غير النظامية انطلاقا من تونس باتجاه إيطاليا. وتعدّد هذه المسالك من السواحل الجنوبية للبلاد إلى سواحل الوطن القبلي.
وتتخذ الهجرة غير النظامية أغلب المسالك التالية.
-محور الوطن القبلي والشمال:
بنزرت – سيسيليا: 104 ميل بحري
قليبية – سيسيليا: 84 ميلا بحريا
قليبية – بنتلاريا: 41 ميلا
-محور منطقة الساحل والجنوب:
المهدية – لمبيدوزة: 67 ميلا بحريا
اللوزة – ليمبدوزة: 83 ميلا بحريا
قرقنة – ليمبدوزة: 68 ميلا بحريا
المحرس – ليمبدوزة: 124 ميلا بحريا
جرجيس – لمبيدوزة: 140 ميلا بحريا
عمليات الهجرة غير النظامية توزعت بين 10 ولايات
وفق إحصائيات المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية تميّزت الفترة من 2011 إلى الآن بهجرة أكثر من 20 ألف تونسي إبّان الثورة وهو ما شكّل صدمة لبلادنا وللدول الأوروبية وتهديدا لكل من إيطاليا وفرنسا ثمّ لأوروبا بصفة عامة.
في قراءة لحصيلة السبع سنوات الأخيرة منذ 2011 والى سنة 2017 تمّ احباط 930 عملية هجرة غير نظامية. أسفرت العمليات المحبطة من 2011 إلى 2017 عن إيقاف 12922 من التونسيين و3533 من الأجانب.
لكن بالرغم من المجهودات المبذولة من السلطات التونسية للتصّدي للهجرة غير النظامية، فان العدد الجملي للمجتازين الذين وصلوا الى الأراضي الإيطالية بلغ 38114.
وحسب المعهد هذا الارتفاع سنة 2011 في عدد المجتازين يعود بالأساس الى الظروف التي عاشتها البلاد التونسية، ليصل عدد المجتازين الذين وصلوا الأراضي الإيطالية إلى 26710.
وإلى حدود شهر أكتوبر 2017 توزعت عمليات الهجرة غير النظامية بين 10 ولايات تونسية ساحلية لتتصدر ولاية صفاقس القائمة وخاصة جزيرة قرقنة في العمليات التي تمّ إحباطها (62 عملية) ثم ولاية نابل (حوالي 34 عملية) بنزرت (24 عملية) جرجيس (11 عملية).
وما يلاحظ بالنسبة للتوزيع الزمني لعمليات الهجرة النظامية المحبطة ارتفاع وتيرة هذه العمليات انطلاقا من شهر أوت 2017 حيث تم إحباط 36 عملية ليتم إحباط حوالي 69 عملية خلال شهر سبتمبر و78 عملية حتى شهر أكتوبر 2017.
ان عودة ارتفاع محولات الهجرة غير النظامية مع تضاعف المجهودات التي تقوم بها مختلف المصالح الأمنية المختصة أدى إلى إحباط 102 محاولة هجرة غير نظامية سنة 2016 تشمل 1035 مجتازا وكذلك الى احباط 253 محاولة هجرة غير نظامية سنة 2017 شمل حوالي 2747 مجتازا.
سنة 2017: أكثر من 15 ألف شخص هاجروا منهم 6151 مروا عبر السلطات الايطالية
أوضح المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنّ الهجرة غير النظامية قد ارتفعت في المدة الأخيرة بشكل ملفت، مما ينبئ بعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، حيث قدر المنتدى عدد الذين هاجروا سنة 2017، بأكثر من خمسة عشر ألف شخص، منهم 6151، مروا عبر السلطات الايطالية و3178 وقع إحباط محاولاتهم من تونس والبقية نجحوا في الوصول الى سواحل اوروبا دون المرور بطرف رسمي.
أما في الثلاثية الاولى من سنة 2018، فقدر عدد الذين حاولوا اجتياز الحدود بثلاثة آلاف شخص، وهو ما يمثل عشر مرات العدد خلال نفس الفترة من سنة 2017.
وكان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، قد نبّه مرارا وتكرارا إلى عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وكلفتها والنفق المظلم الذي يدفع بالشباب إلى مزيد الإحباط ليصبح حلم الوصول إلى الضفة الأخرى بطريقة نظامية أو غير نظامية هاجسا، لا فقط لدى الفئات المهمشة والمحرومة بل وأيضا فئات واسعة ممن يملكون مؤهلات علمية وتقنية.
وبالتالي دعا المنتدى إلى سرعة تقديم المعلومة للعائلات حول الضحايا والمفقودين والإحاطة النفسية والمعنوية بالناجين وعدم تكرار ما وقع خلال فاجعة 8 اكتوبر2017، وطالب الحكومة التونسية بمراجعة المقاربة الأمنية في التعامل مع الهجرة غير النظامية وتفكيك شبكات التهريب ومحاكمة المشتغلين بها،
كما أكد على ضرورة مراجعة مسارات التعاون الحالية مع الاتحاد الأوروبي والتي تعطي الأولوية للمقاربات الأمنية وتعتمد سياسات غلق الحدود، دون تقديم بدائل تنموية شاملة تستجيب لتطلعات شباب تونس نحو الكرامة والعدالة الاجتماعية.
وفي نفس السياق ينبه إلى الكلفة الاجتماعية الباهظة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية الحالية ومن خطورة إحساس فئات واسعة من الشباب بالإحباط وانسداد الأفق، مما يعمق لديهم الرغبة في الهجرة ويدفعهم للبحث عن حلول يائسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.