أثار تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي نُشر بالصفحة الرسمية لمؤسسة الرئاسة، استنكار سياسيين ونشطاء أدانوا طريقة تعامل قيس سعيد مع رئيس الحكومة هشام المشيشي، حيث أكد أغلبهم أن ما قاله قيس سعيد يعد تعدّيا على صلاحيات المشيشي، فيما رأى البعض أنّ سعيّد يتحمّل مسؤولية اختياره للشخصية "الأقدر". وكان سعيّد قد انتقد أمس الأربعاء، عند استقباله المشيشي، التعيينات في صفوف مستشاريه. ونقل بلاغ لرئاسة الجمهورية مضمون حديث رئيس الجمهورية خلال اللقاء. وشدد قيس سعيّد خلال لقائه برئيس الحكومة داخل القصر الرئاسي على أنّ "عددا من الأشخاص الذين يروج لتعيينهم في عدد من المناصب، لا تزال قضاياهم مرفوعة أمام المحاكم، معتبرًا أن تأخر الدوائر القضائية في البت بقضاياهم "لا يتيح الاستعانة بهم في إدارة الشأن العام، ويتوجب ترقب الكلمة الفصل من القضاء". وفي تعليقه على ما ورد في بيان رئاسة الجمهورية، انتقد النائب عن كتلة ائتلاف الكرامة عبد اللطيف العلوي ما اعتبره تدخّلا في صلاحيات رئاسة الحكومة. وقال العلوي في تدوينة نشرها على صفحته بالفايسبوك "لدينا دستور، حدّد الصّلاحيّات بين رأسي السّلطة التنفيذية، وأنّ أيّ تدخّل لإحداهما في صلاحيّات الأخرى يجب أن يكون في شكل حوار وتبادل لوجهات النظر وتناصح، والأفضل أن يكون ذلك داخليّا بين الرّئيسين احتراما لهيبة كلّ منهما ولمظهر التوقير المتبادل للسلطتين أمام الشعب". وأضاف أن "أسلوب التوبيخ والأوامر وإعطاء الدروس وتسجيل النقاط على الطرف الآخر مرفوض بروح الدستور وبمنطق الأخلاق السياسية وهيبة الدولة ذاتها". وتساءل العلوي: "الأمر الآخر أنّه وقياسا بمبدأ المعاملة بالمثل، هل يرضى الرئيس قيس سعيد أن يراجعه المشيشي أو الغنوشي في سياساته وتعييناته؟! نحن جميعا لدينا ما نقول في تعييناته وخاصّة تعيينه الأخير لطارق الأدب الرجل الثاني لنظام بن علي في مكتب تونس بتل أبيب لرئاسة البعثة التونسية بالأمم المتحدة، وهذا منصب أهمّ بكثير من منصب أيّ مستشار لدى رئيس الحكومة!" بدوره اعتبر، الإعلامي مراد الزغيدي في مداخلة بإاذاعة " أي اف ام" أن تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيد حول التعيينات الأخيرة في لقائه برئيس الحكومة هشام المشيشي "غير مقبول". وأضاف مراد الزغيدي "من الممكن أن يكون الرئيس له بعض التحاليل السياسية المحقة بخصوص المنجي صفرة وتوفيق بكار ولكن لا يمكن فرض الأمر على المشيشي في تعدّ واضح على الدستور. وتابع الزغيدي" هنالك قرينة براءة بخصوص المتهمين إضافة لآجال التقاضي، وعلى سعيّد أن يحترمها ولا يجب أن تخفى عليه". رئيس كتلة قلب تونس أسامة الخليفي علق أيضا على خطاب رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أنه تضمن تجريحا وتهجما على رجالات دولة خدموا الإدارة التونسية بغض النظر عن طبيعة المرحلة التي تحملوا خلالها المسؤولية، معبرا عن رفضه ما اعتبره تهجما مجانيا لا يستند إلى أي حكم قضائي وصادر عن شخص رئيس الجمهورية الذي من المفترض أن يكون شخصية جامعة للتونسيين لا مفرقة لهم. وتأتي انتقادات قيس سعيّد، بعد تعيين هشام المشيشي لمستشارين في حكومته، من بين الشخصيات التي تقلّدت مسؤوليات في نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي. ومن بين هذه الشخصيات توفيق بكار، الذي شغل في السابق منصب وزير التنمية الاقتصادية، ثم عُيّن وزيرًا للمالية قبل تكليفه برئاسة البنك المركزي في عهدة زين العابدين بن علي. كما عُين مؤخرًا المنجي صفرة الذي كان مستشارًا اقتصاديًا وماليًا لزين العابدين بن علي، وأثيرت ضدّ ملفات قضائية على خلفية اتهامه بالتلاعب بصفقات عمومية. وانتقد الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي أسلوب قيس سعيد في "استنقاص" رئيس الحكومة، لكنّه شدّد في المقابل على رفض تعيين المستشارين المذكورين المحسوبين على نظام زين العابدين بن علي. أمّا المؤرخ محمد ضيف الله، فاعتبر في تدوينة على حسابه بموقع فايسبوك، أنّ "قيس سعيد يستعرض عضلاته اللسانية، حتى يتبرأ من خياره المفضل". وشدّد على أنّ قيس سعيد هو من يتحمل مسؤولية خيار المشيشي. وأشار المؤرخ إلى أنّه "لم يكن أحد يعرف المشيشي، إلا قيس سعيد وبطانته، لم يكن له حزب، ولا ظهر اسمه في المجتمع المدني ولا في أي ميدان من الميادين لا قبل الثورة ولا بعدها، ومع ذلك فهم الذين اختاروه، بمحض إرادتهم، عينوه في ديوان قيس سعيد، ثم اقترحوه وزيرا للداخلية، ثم اقترحوه رئيسا للحكومة. وهم أعلم به من الجميع، وأعلم بتوجهاته وأفكاره". وتابع قائلا: "استعانته بالمنظومة النوفمبرية هم وحدهم يتحملون مسؤولية ذلك، فهم يعرفونه جيدا".