رغم أن اتّحاد الشغل اكد أن مبادرته ستأتي بحلول للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الحالية في البلاد، إلا أن الكثير من الشكوك تحوم حول هذه المبادرة التي تستثني أحزابا سياسية وتأتي تحت من جهة اتحاد الشغل الذي يعتبره البعض جزءا من الأزمة التي تمر بها تونس في ظل تمسكه بالإضرابات التي عطلت الإنتاج في البلاد وعمقت الأزمة الاقتصادية. وتأتي هذه المبادرات وسط صراعات بين الأحزاب السياسية، الأمر الذي أثر شكوكا حول مدى نجاعتها في ظل رفض المكونات السياسية التنسيق فيما بينها. وبينما يتمسك الرئيس قيس بعدم إشراك من أسماهم "الفاسدين" في إشارة إلى حزب "قلب تونس"، استثنى اتحاد الشغل كتلة "ائتلاف الكرامة" التي يتهمها بالإرهاب، فيما اكدت رئيسة "الدستوري الحر" عبير موسى رفضها الجلوس على طاولة واحدة مع حركة النهضة. وفي تعليقه على المبادرة، أكد رئيس كتلة قلب تونس أن حزبه يرحب بكل حوار غير مبني على الإقصاء ويسعى إلى إيجاد حلول حقيقية اقتصادية واجتماعية. وبين الخليفي في تصريح لموزاييك، أنه لا يمكنه تفهم رفض بعض الأطراف لمشاركة من وقع انتخابهم من قبل الشعب ولهم الشرعية الكاملة، قائلا إنه ''من غير المعقول إقصاء حزب مثل قلب تونس ثاني أكبر حزب في البلاد". واستبعد الخليفي أن يتخذ رئيس الجمهورية قيس سعيد منحى إقصائيا في الحوار المرتقب، معتبرا أن الحوار المبني على الإقصاء ليس حوارا، وفق قوله. وتنصّ مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل، التي تقّدم بها منذ شهر، على "مناقشة اتفاقات تتعلّق بالمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، يركّز الجانب السياسي فيها على مراجعة النظامين السياسي والانتخابي، وتعديل قانون الأحزاب والجمعيات، وإصلاح القضاء، ومراجعة قوانين الحكم المحلّي". كما تتضمّن مبادرة الاتحاد، التطلع إلى تغيير المنوال الاقتصادي وتحقيق العدالة الاجتماعية والضريبية، والتوزيع العادل للثروات، فيما يتعلق الجانب الاجتماعي بتحقيق تفاهمات بشأن إرساء الدولة الديمقراطية الاجتماعية . واقترح اتحاد الشغل في مبادرته إرساء هيئة حكماء تضم عدد من الشخصيات الوطنية المستقلة من كافة الاختصاصات، تتولى مهام الإشراف على حوار وطني يقود إلى إصلاحات اقتصادية وسياسية واجتماعية، وتكون خاضعة إلى إشراف رئاسة الجمهورية. وكان رئيس الجمهورية قيس سعيد، أعلن امس الأربعاء، قبوله الإشراف على مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل الداعية إلى إجراء حوار وطني لإيجاد حلول سياسية واقتصادية واجتماعية للأزمة الحالية في البلاد. وشدّد سعيّد على ألا يكون هذا الحوار مثل سابقيه، وأن يكون تمهيدا "لتصحيح مسار الثورة"، داعيا إلى وجوب إشراك ممثلين عن الشباب من كل جهات البلاد في هذا الحوار، وتحدد معايير من يتم اختيارهم للمشاركة لاحقا. وتأتي مبادرة الاتحاد بالتزامن مع اعلانه الإضراب العام في 4 ولايات، وهو ما أثار الشكوك حول نجاحه في إدارة الحوار، خاصة أن الاتحاد بات، وفق البعض، جزءا من الأزمة بدلا من أن يكون جزءا من الحل. ويشار إلى أنّ رئيس الحكومة صرح في وقت سابق، في تصريح لتلفزيون فرنسا 24، أنّ أي حوار اقتصادي اجتماعي يجب أن يكون تحت إشراف رئاسة الحكومة. ويرى مراقبون أنّه أضيفت إلى "عقدة" الإقصاء المعطلة للحلول الوطنية الشاملة، مقترح قيس سعيد مشاركة الشباب وفق معايير لم يفصح عنها، وهو ما قد يمهّد لخلق قوة ضغط داخل الحوار يدعمها قيس سعيد، إن كان سيؤثر في اختيار المشاركين ممن يدعمون رؤيته للنظام السياسي، ما يجعل مخرجات الحوار تخدم مصلحة طرف وفق ما تم الإعداد له مسبقا.