تواجه تونس إشكالا سياسيا كبيرا، حيث لا يزال رئيس الجمهورية قيس سعيد يرفض إلى الحد اليوم، استقبال 11 وزيرا جديدا لتأدية اليمين الدستورية أمامه، رغم حصولهم على ثقة البرلمان منذ السادس والعشرين من جانفي الماضي، ما يعني تعثر عمل الحكومة عمليا. ولا يرفض قيس سعيد الوزراء الذي تعلقت بهم شبهات فساد، الذين لم يحددهم بالاسم ولم يقدم إثباتات على المعطيات التي بحوزته، بل يطالب أيضا باستقالة الحكومة بأكملها، حسب ما جاء على لسان الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي. في المقابل، رد رئيس الحكومة هشام المشيشي على هذه الدعوة بالتشديد على أن استقالته غير مطروحة، وأنه لن يتخلى عن المسؤولية. ومضى في استخدام صلاحياته وتولّى إعفاء خمسة وزراء بينهم محسوبون على الرئيس، وعيّن مكانهم وزراء بالنيابة. وقال المشيشي في تصريح إعلامي إن "اشتراط تقديم استقالته لانطلاق الحوار الوطني كلام لا معنى له"، معتبرا أن البلاد في حاجة إلى الاستقرار وإلى حكومة تستجيب لتطلعات أبنائها مؤكداً أن "يده دائماً ممدودة للحوار لاسيما وأن حكومته تطرح حوارا اقتصاديا واجتماعيا للخروج من الوضع الحالي"، وفق تعبيره. وفي ذات السياق وبهدف إنهاء أزمة الحالية، دعا رئيس مجلس الشعب راشد الغنوشي إلى اعتماد الحوار للخروج من هذا المأزق. وبحسب بيان نشره مجلس نواب الشعب، أمس الجمعة، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك فقد أكد الغنوشي أن لا حل لمشاكل تونس السياسية اليوم إلا بتوخّي منهج الحوار والتوافق. من جهته، أعرب الرئيس قيس سعيّد، عن استعداده لاحتضان أي حوار ولكن بشروط، أولها "ألا يكون على غرار الحوارات السابقة، ولا يشارك فيه إلا من كان مؤمناً باستحقاقات الشعب". وخلال لقائه مع أمين عام حركة الشعب زهير المغزاوي، وأمين عام التيار الديمقراطي لمستقيل غازي الشواشي، بحث سعيّد جملة من الحلول والتصورات لحوار في شكل جديد يقوم أساساً على تحقيق المطالب المشروعة للشباب خصوصا. في المقابل، يؤكد المراقبون للشأن السياسي في تونس على أن شروط قيس سعيد واستثناءاته المبهمة، قد تسبب في مزيد تعميق الأزمة بدل حلحلتها، خاصة أن الرئيس قلّ ما يتجاوب مع المراسلات الرسمية، ويتمسك في المقابل بالتحاور مع طرفين فقط هما حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب اللذين يمثلان الكتلة الديمقراطية في البرلمان، التي أصبحت توصف بأنّها الحزام السياسي لرئيس الجمهورية. وكان رئيس مجلس الشعب راشد الغنوشي قد بعث برسالة إلى الرئيس قيس سعيد، تتضمن مبادرة لحل الأزمة، لكن الرئيس لم يتجاوب معها.