انتبه متابعو الشأن السياسي في تونس الى التناقض الحاد الذي ورد في بياني رئاسة الجمهورية التونسية والبيت الأبيض ، بعد استقبال قيس سعيد لوفد رسمي امريكي ترأسّه جوناثان فاينر، مساعد مستشار الأمن القومي، الذي كان محمّلا برسالة خطية موجّهة إلى رئيس الدولة من قبل جوزيف روبينيت بايدن، رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية . ورصد المحللون كثيرا من الاختلافات وردت في البيانين اللذان جاء بعد اللقاء، فلئن ركز بيان رئاسة الجمهورية عل احترام قيس سعيد لمبادئ الديمقراطية والتزامه بالدستور والتمسك بالشراكة مع امريكا، ركز بيان الصادر عن البيت الابيض على الدعوة إلى سُرعة تعيين رئيس حكومة والسرعة الى إعادة المسار إلى الديمقراطية البرلمانية، وهي النقطة لم يذكرها بيان رئاسة الجمهورية. و في تدوينة نشرها على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، تساءل أستاذ الإعلام أمين بن مسعود عن سبب هذه التناقضات التي وصها بالحادة. وكتب "لماذا هذا التباين الحاد بين البلاغين شكلا ومضمونا، ففي الأصل هناك لقاءات ختامية بين رئيسيْ الوفدين لتنسيق البلاغات السياسية، أيعني هذا أنّ رئيسيْ الوفدين لم يتفقا على خطوط عريضة موحّدة؟" وأضاف "لماذا أخفت الرئاسة التونسية المطالب الأمريكية - في حال التسليم بمصداقيتها طبعا- وجعلتها عامّة في آخر فقرة في آخر سطر من البلاغ، ولماذا في المقابل قفز البيت الأبيض على مجمل أقوال الرئيس قيس سعيد وهي أقوال سياسية مهمة؟ " وتابع"في المُحصلة، القارئ لبيان البيت الأبيض يلحظ أنه يدور حول ثلاثة كلمات مفتاحية (الديمقراطية النيابية، رئيس الحكومة، الحوار كاساس لأي تغيير دستوري أو سياسي)، وبيان رئاسة الجمهورية التونسية يرصد ثلاثة كلمات مفتاحية ايضا وهي (الإرادة الشعبية، المطالب، الشراكة)... الموقفان التونسي والأمريكي مايزالان بعيدين عن بعضهما البعض في الموقف والتمثّل والتصوّر حيال ليلة 25/7، وحيال ما بعدها..." وقال البيت الأبيض، امس الجمعة، إن نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي التقى بالرئيس التونسي وناقش الحاجة الماسة لتعيين رئيس وزراء مكلف لتشكيل حكومة قادرة في تونس. وجاء بيان البيت الأبيض أيضا، أن جوناثان فاينر نقل رسالة إلى الرئيس قيس سعيد من الرئيس الأمريكي جو بايدن، يؤكد فيها دعمه الشخصي ودعم إدارته للشعب التونسي، ويحث على العودة السريعة إلى طريق الديمقراطية البرلمانية في تونس". على جانب آخر، قالت رئاسة الجمهورية، في بلاغها إن الرئيس قيس سعيد استقبل الجمعة، وفدا رسميا أمريكيا برئاسة جوناثان فاينر، والذي نقل له رسالة خطية من نظيره الأمريكي جو بايدن. وأخبر سعيد الوفد الأمريكي أن التدابير الاستثنائية التي اتخذها تندرج في إطار تطبيق الدستور وتستجيب لإرادة شعبية واسعة، لا سيما في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية واستشراء الفساد والرشوة، حسبما ذكرت الرئاسة التونسية في بيان عبر "فيسبوك". من جهته، أكد فاينر أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يتابع تطور الأوضاع في تونس التي يكن لها ولرئيسها الاحترام، مشيرا إلى أن الإدارة الأمريكية تعلم حجم ونوعية التحديات التي تواجهها تونس، خاصة على الجانب الاقتصادي والصحي. وقال إن الولاياتالمتحدةالأمريكية متمسكة بصداقتها الاستراتيجية مع تونس وتدعم المسار الديمقراطي فيها، وتتطلع إلى الخطوات المقبلة التي سيتخذها رئيسها على المستويين الحكومي والسياسي، حسبما ذكر البيان.