منذ الإجراءات الاستثنائية التي علن عنها قيس سعيد يوم 25 جويلية الماضي، عرفت تونس انتقادات وجدلا حقوقيا متصاعدا على خلفية المحاكمات العسكرية للمدنيين بتهمة الإساءة إلى رئيس الجمهورية من خلال التدوينات والمواقف السياسيّة. وتمت إحالة مدونين وسياسيين وإعلامين ومحامين على القضاء العسكري وآخرهم عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني في سابقة خطيرة، وفق وصف المعارضين لقيس سعيد. وندّد حزب التكتل ب"الضرب الممنهج للحقوق والحريات والاعتداءات الوحشية على المتظاهرات والمتظاهرين والصحفيات والصحفيين وعائلات شهداء الثورة يوم 14 جانفي 2022، مستنكرا "محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وتوظيف القضاء لاستهداف المعارضة السياسية والمدنية". كما ندد الحزب في بيان "بتنكّر رئيس السلطة القائمة لكل الاستحقاقات الاجتماعية والاقتصادية وجهله بتحديات المالية العمومية، مما تجلى في قانون مالية يفكك المرافق الأساسية من تعليم وصحة ونقل، ويؤيد البطالة ويزيد في نسبة التضخم وإنهاك المقدرة الشرائية ويحافظ على امتيازات الريع و يعززها"، وفق ما جاء في البيان ذاته. وأدان الحزب الجمهوري "إقحام القضاء العسكري وتوظيفه لاستهداف المدنيين والمعارضين للنهج الانقلابي". وندد الحزب بإحالة العميد السابق للمحامين والناشط الحقوقي الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني، على المحكمة العسكرية، معترا ذلك عنواناً بارزاً لانتهاك سلطة 25جويلية للحريات والحقوق الأساسية للمواطنين التي يقرها دستور البلاد وتضمنها المواثيق الدولية. واعتبر الحزب أن معركة استقلال القضاء وإصلاحه ضمن مسار تشاركي في إطار الدستور ووفق المعايير الدولية هي معركة كل التونسيين وتستدعي تكثيف المبادرات وتنسيق الجهود لخوضها وكسب رهانها. فيما استنكرت حركة أمل وعمل، استدعاء عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني للتحقيق أمام القضاء العسكري، معبرة عن رفضها لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. كما أكدت "مواصلتها النضال والدفاع عن كل المواطنين المحاكمين بطريقة غير دستورية. وتعتبر أنّ رئيس دولة الأمر الواقع يواصل استهداف المحامين والنواب والمدونين الفاضحين لانتهاكات الانقلاب وفشله المتواصل وشعبويته المهددة لكيان الدولة". في ذات السياق، عبّرت حركة النهضة عن استنكارها فتح تحقيق أمام القضاء العسكري ضد العميد عبد الرزاق الكيلاني بعد تعبيره عن مواقفه الرافضة للانقلاب ودعواته لعلوية الدستور والقانون وضرورة الانضباط لهما. ورفضت النهضة محاولات السلطة التنفيذية الهيمنة على السلطة القضائية، بعد استيلائها على باقي السلطات بالأمر 117، والضغط عليها واستنكارها محاولات التشويه المتواصلة للمجلس الأعلى للقضاء، ومحاولة توظيف القضاء في استهداف المعارضين للانقلاب وفق نص البيان. و دعت حركة النهضة، إلى الوقوف إلى جانب القضاة والتعاون في إصلاح هذا المرفق الأساسي في البناء الديمقراطي. وكان عميد المحامين السابق عبد الرزاق الكيلاني اكد يوم الجمعة الماضي خبر توقيفه وإحالته على القضاء العسكري. وقال في تصريحات اعلامية إن "المحكمة العسكرية وجهت له الدعوة عن طريق رئيس مكتب فرع المحامين في العاصمة تونس". ومنذ وصول قيس سعيّد إلى الرئاسة، رُفعت العديد من القضايا بحق مدونين وسياسيين على خلفية تدوينات اعتبرتها السلطة مسيئة لقيس سعيد. وكان وزير الداخلية توفيق شرف الدين صرّح في نقطة إعلامية عقدها مؤخرا، أنّ حقوقيا قام بتحريض الأمنيين على العصيان، متعهدا بمحاسبته بمقتضى المجلة العسكرية، في إشارة لعبد الرزاق الكيلاني. وفي رده على تصريح وزير الداخلية، قال عبد الرزاق الكيلاني "أنا متمسك بكل ما قلته وخلافا لما يزعمه وزير الداخلية فما توجهت به هو تحسيس بالأمن الجمهوري الذي يجب ان يكون على مسافة من كل الأطراف ودعوتهم لعدم تطبيق الأوامر المخالفة للقانون لما فيها من تبعات قانونية وأنا اعتز بما قلت لأنه في صميم الدفاع عن دولة القانون". وتابع "اتحمل مسؤوليتي في كل ما أقول ولا أخشى التتبعات ولا أخشى القضاء العسكري، وأنا رجل قانون اتحمل مسؤوليتي في كل ما أقوله ولا تخيفني تهديدات توفيق شرف الدين ومن لف حوله".