نتائج انتخابات 23 أكتوبر 2011 كان لها تأثيرها على طبيعة تشكل المشهد السياسي و على سلوكيات بعض السياسيين فبين منتش بالفوز و معارض للنتائج و رافض لها من الأساس بدأ شكل الإستقطاب يتضح أكثر. نداء البافلوفيين: طبيعة نتائج انتخابات المجلس التأسيسي التي أفرزت أغلبية لحركة النهضة نجحت من خلالها في عقد توافق علماني إسلامي ليبرالي داخل المجلس و على مستوى السلطة التنفيذية، أنتجت نوعا من التمزّق في قراءة الشأن العام على قاعدة إسلامي/علماني التي أريد لها أن تعمّق شكل الإستقطاب الثنائي لا على مستوى الطرح السياسي بل على مستوى الإصطفاف الإيديولوجي فأغلب المعارضين لحكم التروكيا يتحرّكون بمنطق رد الفعل البافلوفي تجاه تواجد الإسلاميين في الحياة السياسية من الأساس. إستغل الباجي قايد السبسي تشتت "البافلوفيين" ليقدّم لهم مبادرة التقاء جوهرها السياسي العداء لحركة النهضة أولا و أخيرا. جبهة لإنقاذ من/ماذا؟ ظاهريا مثلت جبهة الإنقاذ ملاذا أخيرا لتوحيد الصف المضادد لحكم الترويكا إنتخابيا و لكن عجزها عن تحقيق الإنتشار الأفقي المأمول و غياب البدائل عنها جعل المهمة أكثر من صعبة. لا تخلوا الممارسة السياسية من المناورة فقانون العزل السياسي و تمسك كتلة حركة النهضة به في البداية مثل عاملا أساسيا في تشكّل جبهة الإنقاذ على قاعدة توظيف القاعدة التجمعية إنتخابيا و لكن مع بروز أولى مؤشرات تخلي حركة النهضة عن هذا القانون بدأ التململ يدب و هذا دافع أساسي و رئيسي لخروج الحزب الجمهوري. الجبهة الشعبية وقود المعركة: لم يكن لنداء تونس القدرة الكافية على شحذ و تجييش الشارع لولا قواعد الجبهة الشعبية التي تخلّت شيئا فشيئا عن عدائها التاريخي للتجمعيين و عن الشعارات الإجتماعية لليسار في اتجاه تجييش القواعد لصراع هووي ثقافي يعادي الخصوصية الإسلامية للتونسيين، و هو صراع زاد في تضييق دورها خاصة مع استفراد أطراف أخرى بالقرار داخل جبهة الإنقاذ. إلتحاق الجبهة الشعبية بجبهة الإنقاذ لا يخرج عن السبب الإنتخابي المذكور أعلاه و إن كان ظاهره قاعدة "عدو عدوي صديق"، و هو ما جعل موقف الجبهة تميل إلى التطرف أكثر فأكثر لعدم القدرة على التراجع بعد أن تجيشت قواعدها. مواقف حمة الهمامي،زعيم حزب العمال، الأخيرة من صدّام حسين التي أفرزت صراعا داخليا مع القوميين في صلب الجبهة الشعبية و عدم القدرة على تحقيق مطالب القواعد خاصة بعد الفشل في توظيف الدك و الركوب عليه ستعجّل بتفجير الجبهة الشعبية التي كانت وقودا للمعركة صحبة يسار التجمع المنحل. تشتت الدستوريين: جانب آخر من الجوانب التي ساهمت في إضعاف جبهة الإنقاذ كان في تشتت الدستوريين بين موالين للباجي قائد السبسي و موالين لحامد القروي و هذا ما يفسر الصراع بين الرجلين في المرحلة الأخيرة خاصة و أنهما يراهنان على نفس القاعدة الإنتخابية. جبهة الإنتقاذ التي جمعت "المضاددة البافلوفية" لحكم الترويكا بأغلبية من حركة النهضة و الجبهة الشعبية التي جيشت الشارع لنعارك اتضح أنها في خدمة غيرهم و جبهة دستورية من الميتحيل تأسيسها، ثلاثة أسباب رئيسية و محددة لانفجار قريب سينسف تبقى مما نسفته صناديق 23 أكتوبر 2011.