بدأت كل القوى السياسية في تونس استعداداتها مبكرا للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة والمتوقع إجراؤها عقب الانتهاء من صياغة الدستور الجديد، وذلك من خلال الإعلان عن عدد من التحالفات والتكتلات التي قد تساهم في تغيير خريطة المنافسة على صناديق الاقتراع، واعادة ترتيب المشهد السياسي. فقد اعلنت جل القوى الحية عن ميلاد تكتلات سياسية وانتخابية حتى ان بعض الكيانات السياسية سعت الى الاندماج ضمن رؤية فكرية متقاربة كما هو الحال بالنسبة للجبهة الدستورية التي يقودها كمال مرجان او مجموعة الدستوريين الاحرار والتي يتزعمها عمر صحابو. وقد انطلقت جل العائلات السياسية من مختلف المدارس في لم شتاتها لضمان دعائم انتخابية تؤهلها لاستثمار الفرصة والفوز باكبر عدد ممكن من المقاعد بمجلس النواب او افراز شخصية وطنية توافقية لمنصب رئاسة الجمهورية حيث تجمع الطيف اليساري ضمن الجبهة الشعبية بالاضافة الى ميلاد التحالف من اجل تونس والذي يجمع اساسا كلا من نداء تونس والجمهوري. بدورها تسعى "الترويكا" الى محاولات لاعادة ترتيب البيت الداخلي للأحزاب الثلاثة قصد اعادة التجربة السياسية بما يتلاءم وطبيعة المرحلة القادمة التي يبقى عنوانها الابرز الانتخابات التشريعية والرئيسية. فقد كشف القيادي بحزب المؤتمر من اجل الجمهورية والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ان هناك امكانيات لخوض الانتخابات المقبلة "في شكل جبهة تكون «الترويكا» الحالية هي أساسها الصلب، وتنضم إليها لاحقا أحزاب أخرى، وهو أمر غير مستبعد إذا أمكن تقليص الافتراق في وجهات النظر بين الشركاء حول الدستور وحول مواضيع أخرى كثيرة". وفي واقع الامر فان جل التحالفات السياسية المعلنة الى حد الان قد تعرف -وباستثناء تكتلات الدساترة والجبهة الشعبية- عددا من المطبات الاساسية يبقى اهمها غياب الانسجام الايديولوجي بين عناصر التحالف وصعوبة صياغة برنامج سياسي واحد بالاضافة الى "الصراع" الممكن حول القائمات المترشحة وذلك في ظل التفاوت الواضح في حجم القواعد الحزبية لكل طرف زد على ذلك اشكال كيفية إدارة الحملات الإنتخابية. وبالنظر الى الحجم القاعدي لجل الاطراف يبدو حجم "الترويكا" والذي يضم كلا من حركة النهضة وحزبي المؤتمر والتكتل أكثر قوة من الناحية الانتخابية مقارنة بالاتحاد من اجل تونس وبقية التكتلات الاخرى ولا سيما الدساترة منهم وهو ما قد يطرح امكانيات للتحالف في اللحظات الاخيرة بما يمكن من تعديل كفة "الاتحاد" وذلك بالنظر الى الرؤى المشتركة بين ابرز مكون له –نداء تونس- والدساترة. وتظهر الجبهة الشعبية أكثر تماسكا من ناحية الاهداف السياسية بالاضافة الى التوافق التام والتماهي بين احزاب الجبهة على أجندة الدولة المدنية ومحاربة كل اشكال الفقر وقد اكدت جميع قيادات الجبهة على سعيها لمواصلة المشوار بعيدا عن اسقاطات القطبية الثنائية (النهضة/نداء) وهو ما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك غياب فكرة التحالف مع أي منهما او اعادة احياء ما يعرف بجبهة 18 اكتوبر. فهل تختزل الجبهات السياسية المعلنة التشتت الحزبي؟