نصرالدين السويلمي سيحتفل بالثورة كلّ الذين يمتّون إلى هذا الوطن وهويته ودينه بصلة، الذين كانوا يجازفون بالذهاب إلى صلاة الجماعة ويغامرون بالسعي إلى صلاة الجمعة “ويتهوّرون” بذهابهم إلى صلاة الفجر. سيحتفل بالثورة كلّ الذين كانت تشتعل أضواء منازلهم بالتزامن مع صوت آذان الفجر وقلوبهم تلهج بذكر الله “سلّم.. اللّهم سلّم”. ستحتفل بالثورة كل فتاة وامرأة ومسنّة كانت تتعثّر وتلتفت وترتبك حين تمشي في الطريق، حين تعبر الشوارع وتخترق الأنهج وتلج إلى الفضاءات العامّة لأنّ المنشور رقم 8 يطاردها ينغّص عيشها.. ستحتفل بالثورة كل تلميذة وطالبة جعل منها حجابها في عهد المخلوع مواطنة درجة ثانية وتهمة متحرّكة متنقّلة تحمل علامة إدانتها فوق رأسها. ستحتفل بالثورة أمّي وأمّك ذات السبعين والثمانين سنة التي كانت تُجبر على تعرية ما تبقى من شعيرات متناثرة فوق رأسها المتناسل الحامل لبقية حنّاء، وسنمعن في الاحتفال حين نتذكّر الأمّ المسنّة المحفوفة بالحولي والمعصوبة الرأس وهي متردّدة تمدّ بطاقة هويتها مقلوبة إلى عون الأمن فيقلبها بدوره ويتمعّن أكثر في الصورة التي أرادت إخفاءها، ويبتسم من الوجه المجعّد والوشم القابع في جبهة قديمة يعلوهما رأس يميل إلى الصلع فعل فيه البرد والفقر والزمن فعلته. ستحتفل بالثورة كل أنثى قضت سنوات تنام بثيابها وربما معطفها ولا تنزع إلا حذائها مخافة زوّار الليل. سيحتفل بالثورة كل الأطفال الذين روّعتهم طرقات الباب القاسية ومحاولات كسره وأصوات نكرة تصرخ من خلف الباب في الأب المتردّد المرتبك حلّ.. شرطة… يا كلب.. سيحتفل بالثورة كل قروي محافظ أرسلوا إلى ابنته ذات الستة عشر عاما استدعاء لمركز الشرطة وذكروا فيه ” تجي وحدها”. سيحتفل بالثورة كل من تمّ إيقاف سيارته في الطريق وترك العون نافذته وذهب إلى النافذة الأخرى يضغط البلوّر يدكّ رأسه في الداخل يقترب أكثر من وجه الزوجة والابنة والأخت يتطلّع إلى فتحة الصدر ويسأل السائق ” عطيني وراقك.. شبيك طاير.. عندك خطية”، يسأل السائق وعينه تفحص من بجوار السائق.. سيحتفل بالثورة من إذا اضطر إلى استخراج بعض الوثائق من مقرّات الأمن، يذهب مرغما كأنّما يُساق إلى الموت. سيحتفل بالثورة كل من نُهب ماله وافتكت أرضه وتعطّلت مصالحه.. سيحتفل بالثورة كل من يكره السكوت.. يمقت السكوت، وقيل له غصبا “هوشششش سَكِّرْ”. سيحتفل بالثورة كل يُقدّر الأعراض حقّ قدرها ويعرف العزّة حقّ معرفتها وتنتصب الكرامة في أعلى سلّم أولويّاته. سوف لن يحتفل بالثورة كل من “عندو كي الفلفل.. كي الهريسة، كي البيرا، كي المارس أنتار، كي المرا كي الطفلة بنتو…