لم يخفت بركان الغضب الذي خلّفه إجراء أبو ظبي تجاه النساء التونسيات بمنعهن من السفر إلى الإمارات وعبرها ، في صفوف التونسيين سلطة وشعبا ، ولا يزال الجدل متّقدا سيّما وقد اعتُبر هذا الإجراء "إهانة" للتونسيات "لا يجب غفرانها إلا باعتذار رسميّ" . وفي ردّ نزل بردا وسلاما في نفوس التونسيين وممن دعمهم من العالم العربي، قرّرت تونس تعليق كافة رحلات الخطوط الجوية الإماراتية بين كلّ من تونسوالإمارات، الأمر الذي استحسنه التونسيون ، ودعمه عدد من الأحزاب ، ولقي صداه في مواقع التواصل الإجتماعي ليتصدّر هاشتاغ "تونس تؤدب الإمارات" على موقع تويتر اهتمامات المغردين في تونس والعالم العربي. بيد أن تصريحا صدر عن الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش يبرّر لما بدر عن الإمارات تجاه التونسيات، أثار ضجة وجدلا كبيرين في صفوف التونسيين، الذين استغربوا أن يصدر مثل هذا التصريح عن قراش باعتبارها "مسؤولة في السلطة" من جهة و "امرأة" من جهة ثانية . فبعد ساعات من قرار تونس تعليق كافة رحلات الخطوط الجوية الإماراتية، جاء تصريح قراش ليبرّر دوافع الإمارات من هذه الخطوة. وقالت المتحدثة باسم الرئاسة، الإثنين 25 سبتمبر 2017، إن الاجراء الإماراتي سببه مخاوف من حدوث اعتداء تنفذه نساء يحملن جوازات سفر تونسية. وأكدت الناطقة باسم الرئاسة الإثنين لإذاعة "شمس إف إم" الخاصة "هناك معلومات جدية لدى السلطات الإماراتية حول احتمال ارتكاب اعتداءات إرهابية". وأضافت أن معلوماتهم تشير "إلى أنه في إطار عودة المقاتلين الارهابيين وخروجهم أساساً من سوريا ومن العراق هناك مخططات وإمكانية وقوع عملية إرهابية تنفذها نساء إما تونسيات أو يحملن جوازات سفر تونسية" في تلميح إلى احتمال استخدام جوازات سفر تونسية مزورة. وتابعت المتحدثة باسم الرئاسة: "نتفهم هذا الجانب (المخاوف الإماراتية) وحربنا مشتركة ضد الإرهاب، لكن تونس لا يمكن أن تقبل الطريقة التي تم التعامل بها مع النساء التونسيات". تصريح الناطقة الرسمية باسم رئاسة الخارجية جاء متعارضا مع تصريح رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي نفسه، الذي أكد أن قرار تعليق رحلات شركة الخطوط الإمارتية إلى تونس سيظلّ قائما إلى حين مراجعة إجراءات سفر التونسيّات طبقا للقوانين والمعاهدات الدوليّة الجاري بها العمل. من جانبها كانت سلطات الإمارات أشارت إلى مسألة "أمنية" دون تقديم تفاصيل. و أثار تصريح قرّاش ضجة وغضبا كبيرين في صفوف التونسيين الذين اعتبروه شكلا من اشكال التملق والتودد الى الامارات بالرغم من موقفها غير المقبول تجاه تونس. وكانت وزارة النقل أعلنت مساء الأحد "تعليق رحلات شركة الخطوط الإماراتية من وإلى تونس إلى حين تمكن الشركة من إيجاد الحل المناسب لتشغيل رحلاتها طبقاً للقوانين والمعاهدات الدولية" أي لحين رفع الإجراء بحق التونسيات. وقال أنور قرقاش وزير الدولة الإماراتي للخارجية في تغريدة الأحد "تواصلنا مع الأخوة في تونس حول معلومة أمنية فرضت إجراءات محددة وظرفية". وأضاف "نقدر المرأة التونسية ونحترمها ونثمن تجربتها الرائدة، ونعتبرها صمام الأمان" داعياً إلى "تفادي محاولات التأويل والمغالطة". ومنذ الجمعة تم مؤقتاً منع التونسيات القاصدات الإمارات كوجهة، أو عبوراً (ترانزيت) من الصعود لطائرات الخطوط الإماراتية، وبحسب شهادات راكبات فقد قيل لهن أنه يمنع صعود حاملات جواز السفر التونسي. في المقابل يصعد الرجال التونسيون دون أي مشاكل إلى طائرات الخطوط الإماراتية. وأثار ذلك جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي في تونس. ونددت أحزاب سياسية ومنظمات غير حكومية بهذا الإجراء "التمييزي" مطالبين السلطات التونسية ب"الحزم" في مواجهته.