عدم انسجام المواقف بين الاتحاد العام التونسي للشغل مع الحكومة حول العديد من النقاط الخلافية تؤشر الى أن حوار دار الضيافة حول وثيقة قرطاج الذي شاركت فيه مختلف الأطراف المؤثرة في المشهد التونسي، والتوافق لن يستمر، خاصة بعد الزيادات الاخيرة في بعض المواد الأساسية. فالتونسيون استهلوا اليوم الأوّل من عام 2018 بزيادات جديدة في الأسعار، تطبيقا لإجراءات تضمّنها قانون المالية الجديد، انهال على اثرها بعض التونسيين بالتعليقات الساخرة والناقدة على الصفحات الرسمية لبعض الوزارات ذات العلاقة، احتجاجا على هذه الزيادات، التي من شانها أن توتر الأوضاع أكثر خاصة بعد الاتفاق المبرم بين الحكومة واتحاد الشغل بعد الزيادة في أسعار المواد الأساسية. وقد طالت الزيادات أساسًا أسعار المحروقات وبطاقات شحن الهواتف والانترنت والعطور ومواد التجميل، لكنّ الزيادات ستشمل تدريجيا أيضا بعض المواد الاستهلاكية مثل القهوة والشاي. كما تضمن قانون المالية لعام 2018 فرض زيادة بنسبة واحد بالمئة على ضريبة القيمة المضافة ، وضرائب أخرى تشمل الإقامات في الفنادق ومساهمات استثنائية من دخل الأجر لسد عجز الصناديق الاجتماعية. ولم تطرح زيادات في كثير من المواد الغذائية ، لكن التونسيين يشكون من ارتفاع مفاجئ للأسعار في بعض الخضر والغلال بسبب الاحتكار والمضاربة ، وهي معضلة تتحدى أجهزة الرقابة وجهود الدولة في التحكم بالأسعار. والوضع مرشح بأن يكون أكثر تعقيدا لأن الحكومة تخطط على مدى متوسط بمراجعة تدريجية أيضا للدعم في بعض المواد الأساسية، ضمن حزمة من الإصلاحات الأخرى التي يطالب بها صندوق النقد الدولي. واجمالا تأتي الزيادات التي أقرتها الحكومة في وقت تعاني فيه تونس من عجز تجاري بلغ مستوى قياسيا في أول 11 شهرا من عام 2017 بواقع 3ر14 مليار دينار مقابل 6ر11 مليار دينار في نفس الفترة من العام السابق (الدولار يساوي 4ر2 دينار). وكانت الحكومة قد وقعت اتفاقا مع الاتحاد العام التونسي للشغل في أواخر نوفمبر المنقضي يلزمها بعدم الزيادة في أسعار المواد الأساسية العام الجاري، وأكد الامين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي خلال ندوة صحفية بقصر الحكومة بالقصبة فب الغرض أنه تم الاتفاق مع الحكومة على عدم الزيادة في أسعار المواد الأساسية الغذائية وعدم التفويت في مؤسسات القطاع العام مع النظر في وضعية هذه المؤسسات حالة بحالة وإعادة هيكلتها اجتماعيا واقتصاديا. وأوضح أن هذا الاتفاق من شأنه أن يقلص من الاحتقان ويحقق الإستقرار الاجتماعي. في المقابل، بعد الزيادات التي سجلتها تونس في مستهل السنة الادارية الجديدة، طالب الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي الثلاثاء 2 جانفي 2018، الحكومة بالالتزام بتعهداتها حول عدم الزيادر في الاسعار المواد الاساسية. وشدد الطبوبي خلال مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بجندوبة المنعقد الثلاثاء 2 جانفي 2017ّ " : على أن كل ّ محاولة للمس بالتعهدات لن تمر. ويتوقع مراقبون للشان التونسي، أن الحلف بين الحكومة واتحاد الشغل لن يستمر كثيرا، خاصة ان الاتحاد أعلن سابقا أنه سيتفاعل مع الحكومة ويدعمها على قدر ما ستقدمه من انجازات لتونس، في قدمتها انجازات تجيب على كلّ القضايا الحارقة. وقال أمينه العام إنه إذا تم عكس ما نتوقع وما يأمله التونسيون فسنكون سدا منيعا وسنكون إلى جانب أبناء الشعب. هذا واعتبر حزب العمال أن الزيادات التي أعلنت مع بداية السنة الجديدة تمثل"مجرد خطوة أولى في مسلسل الإجراءات اللاشعبية التي تنتظر الشعب من قبل الحكومة التي وصفها بأنها "حكومة صندوق النقد الدولي والحرب على الشعب وحكومة الخضوع والركوع أمام صناديق النهب و"الصرامة والشجاعة" في وجه الشعب الكادح و المفقّر".