لا تستطيع الاحزاب التي تظهر بشكل شبه يومي في المنابر الإعلامية ، و التي تتشدق ليل نهار بشعارات الديمقراطية و التي تسجل مواقفها بصوت متشنج في مجلس النواب ، الالتزام بالحفاط على ما تنادي إليه من ديمقراطية و سلم اجتماعي ، فنفس هذه الاحزاب التي تدافع بضراوة على الشعارات الرنانة ، نجدها اليوم في الصفوف الأولى من المحرضين ، بل ان تحريضها بات اليوم موجودا بشكل علني في تحدّ سافر للدولة و لحكومتها . فالأحزاب السياسية و التي من المفترض ان تلتزم بالقانون و بالدستور و بالمبادئ التي تفرضها الديمقراطية ، تبرّر الفوضى و تحث الشعب على انتهاك القانون ، بل ان الامر يتجاوز ذلك لنجد الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي يتحدّى رئيس الحكومة ، قائلا " لن تخيفنا " ، عبارة تؤكد ان الشعب التونسي امام معارضة يسارية " متشنجة " لا تستطيع التخلي بخطاب عقلاني ، بل ان خطابها قد يتجاوز خطاب المتربصين بتونس من تجمعيين و أزلام بمراحل . و قال الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمّة الهمامي خلال ندوة صحفية خُصّصت للرد على اتهامات رئيس الحكومة يوسف الشاهد الجبهة بالتحريض "موش باش تخوّفنا كي تتّهمونا وإلاّ تُطلقو حملة مأجورة". و أضاف الهمامي "اتّهام الجبهة الشعبية في كل التحركات الاحتجاجية راضعينو في الحليب" ، وتساءل قائلا "شكون باش يعلّم الجبهة التمدّن؟ إلّي فضّو إشكالياتهم في الحمامات بالعصي؟" (في إشارة إلى حركة نداء تونس) وإلاّ الّي قتلو لطفي نقض واستعملو ماء الفرق؟". وأكّد الهمامي أن الاتهامات الموجهة للجبهة الشعبية "يقودها إعلاميون مأجورون يرغبون في تحييد الرأي العام عن الملف الأساسي وهو غلاء الأسعار والفقر والدمار والبؤس الذي يعيشه الشعب". واشار إلى أن رئيس الحكومة يعيد انتاج نفس خطاب الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية في 2011 إثر احداث سليانة والذي اتهم فيه حزب الوطد وحزب العمال وشدّد على أن الجبهة الشعبية كانت ولا تزال في قلب الإحتجاجات وفي طليعتها. و يأتي هذا بعد ان اتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد شبكات لها علاقة بالجبهة الشعبية بالتورط في التحريض على اعمال العنف والتخريب التي رافقت الاحتجاجات التي شهدتها البلاد مؤخرا. و قال الشاهد في تصريح لاذاعة "موزاييك" على هامش زيارة فجئية لمدينة طبربة ان هذه الشبكات لها مصالح متقاطعة مع بعض السياسيين غير المسؤولين ولها علاقة بالجبهة الشعبية. و اكد الشاهد ان موقف الجبهة الشعبية غير مسؤولين على الرغم من ان نوابها صوتوا على قانون المالية في مجلس النواب لكنهم لاحقا يدعون الى التظاهر ضده. و أكد الشاهد أن حكومته "تستمع إلى المظاهرات السلمية وتقوم بحمايتها، لكنها ستطبق القانون على المتورطين في عمليات النهب والاعتداء على أملاك التونسيين ومن يقوم بتحريضهم". و أضاف يوسف الشاهد في تعليقه على التطورات الأخيرة، إن "الحل الوحيد لمواجهة من يقوم بعمليات النهب والاعتداء على التونسيين وأملاكهم ومن يقوم بتحريضهم يكمن في تطبيق القانون". ودعا الشاهد إلى عدم التهويل في ما يتعلق بمسألة غلاء الأسعار، قائلا: "الوضع الاقتصادي صعب، لكن يجب ألا نهول الأمور خاصة في ظل وجود العديد من الإشاعات". وأشار الشاهد إلى وجود "بوادر إيجابية" باتجاه تحسن الأوضاع، مضيفا أن "2018 ستكون آخر سنة صعبة وميزانية 2018 ستكون آخر ميزانية صعبة". وتأتي هذه المواجهات على الرغم من تحذيرات رئيس الحكومة يوسف الشاهد، الذي أعلن عن فتح تحقيق في أحداث الشغب التي طالت عددا من الجهات بتونس لكشف المتورطين وكل من يقف وراءهم.