تجمع مختلف الأراء على أن جزء من الأزمة السياسية التي تمسك بتلابيب الشارع التونسي ناشئة من هشاشة التكوين السياسي عند بعض الفرقاء السياسيين وعدم وضوح الرؤية والافتقار للبرنامج، حتى بات أكبر هموم الاحزاب، اختيار توقيت وبرمجمة نشاطها السياسي استناداً إلى ردود أفعال خصم سياسي آخر ومناكفته وإشغاله بمعارك جانبية. وعرّت حالة التوتر الاجتماعي التي تعيشها تونس بسبب جدل قانون المالية لسنة 2018، غياب الوعي لدى الطبقة السياسية في البلاد، وكشفت تسارعها الى إعادة تموقعها في المشهد السياسي سعيا لكسب تأييد شعبي، دون مراعاة ما تقتضيه المرحلة الاقتصادية الحرجة، حيث سارعت بعضها إلى انتهاز حالة الاحتقان الاجتماعي، دون اعتبار التحركات الليلية لتحويل وجهة المطالب من تعديل قانون المالية الى مطالب أخرى، لا علاقة لها بما يطلبه الشارع التونسي، تراوحت بين اسقاط الحكومة، وتغيير النظام السياسي. فحزب بني وطني يرى أنّ مراجعة النظام السياسي أصبحت ضروريّة أمام التداخل الصارخ بين المصالح الحزبية و مؤسسات الدولة، داعيا إلى ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني بمنآى عن الحسابات الحزبية حتى تستطيع تدارك الحياد عن مسار الانتقال الديمقراطي، حسب بيان أصدره الخميس 11 جانفي 2018. واعتبر أنّ حرية التظاهر السلمي المسؤول بمختلف أشكاله مضمونة بالدستور، مجددا ثقته بالجيش و الأمن و الحرس الجمهوري في حماية الوطن. ودعا الحزب إلى ضرورة التسريع بإستكمال مكونّات النظام الديمقراطي و اولّها تأسيس جميع الهيئات الدستورية و ضمان حيادها و استقلاليتها. كما أكّد حزب البديل التونسي على ضرورة التقاء الاحزاب السياسية حول "عقد اقتصادي واجتماعي وسياسي فعلي لتشريك كل الأطياف السياسية لوضع خارطة طريق كفيلة بتصحيح المسار، وتكوين حكومة كفاءات كمستقلة غير متحزّبة ومتحرّرة من الرهانات الحزبية لتسيير الدولة وتؤمين الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة مع الالتزام بعدم الترشّح". وعبّر البديل التونسي عن "تفهّمه للاحتجاجات السلمية وخروج الناس الى الشارع للتعبير عن مشاغلهم ومطالبهم الاجتماعية والاقتصادية المشروعة نتيجة ضعف الادارة السياسية وغياب رؤية واضحة لتسيير دواليب الدولة مما ادى إلى تكريس واقعه تغلب عليه الحسابات الحزبية الضيقة، حسب نص البلاغ. هذا وأكّد القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي أن الانتخابات المبكّرة هي الحلّ لأنّ تونس في أزمة استثنائية تحتّم إيجاد حلّ استثنائي في ظل غياب الأفق، خاصّة وأن الحكومة الحالية عاجزة عن حكم البلاد إلى 2019، موعد الانتخابات التشريعية المقبلة، حسب تقديره. في المقابل، قال القيادي في التيار في الديمقراطي محمد عبو في تصريح ل"الشاهد"، إن إسقاط الحكومات لا يكون عبر الشارع، وأنه لا يجب ان ننجر وراء منطق الفوضى، ويجب أن نكون عقلاء، لأن من في الحكم اليوم وقع انتخابهم من قبل التونسيين، وإسقاطهم لا يجب أن يكون إلا عبر الصناديق. أضاف الى أن الامكانية الوحيدة التي تخول لإسقاط الحكومة عبر الشارع هي تعمدها خرق الدستور، ونحن اليوم لسنا في هذه الوضعية. محدث "الشاهد"، أشار في سياق متصل ان من يدعون الى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، يعززون المواقف التي ترى أن إشكال تونس في نظامها البرلماني، والحال أن مشكلة تونس في تغيير الحكومات. وتساءل عن مدى جاهزية هذه الاحزاب التي تدعو الى انتخابات مبكرة، لافتا الى أن أغلبها ليست جاهزة لإجراء الانتخابات البلدية، وقال لا بد أن نرتقي على مستوى الدستور. من جهته، أكد أمين عام اتحاد الشغل نور الدين الطبوبي في افتتاح مؤتمر الاتحاد الجهوي للشغل بأريانة الخميس 11 جانفي 2018، أنّ الحل للخروج من الأزمة الراهنة ليس في تغيير الأشخاص أو الحكومات بل في اتخاذ القرارات والإجراءات القادرة على تلبية انتظارات التونسيين في التنمية والتشغيل والمساعدة على الاستقرار الاجتماعي. وقال الطبوبي "الحل لا يكمن في تغيير الحكومات، والاتحاد لا يدعم الأشخاص بل البرامج والخيارات القادرة على الاجابة على القضايا الحارقة ونحن مع الاستقرار السياسي"، مشيرا الى أن "القضايا أعمق من تغيير الحكومات'.