لا تختلف الحكومة عن أي من الأحزاب في الاعتراف بأن الاحتجاجات التي تشهدها عدة ولايات وأحياء شعبية في تونس العاصمة مشروعة، لكنها تعتقد بأن تقاطعا للمصالح بين شبكات الفساد وبعض السياسيين أدى إلى تأجيج تلك الاحتجاجات ودفعها إلى التخريب واستهداف الممتلكات العامة والخاصة، وهو ما أكده رئيس الحكومة يوسف الشاهد في تصريحاته الأخيرة التي أكد من خلالها أن شبكات الفساد وعددا من الأطراف السياسية المعارضة وراء الفوضى والاحتجاجات التي تجتاح عددا من المدن. وصرح يوسف الشاهد، في تصريح صحفي أثناء زيارته مدينة طبربة التي شهدت شرارة الاحتجاجات في الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء، أن مخربين يعملون على استغلال حالة الاحتقان الاجتماعي لإحداث الفوضى في البلاد. وقال الشاهد «هؤلاء لا يعملون لمصلحة تونس، وإنما لشبكات الفساد والفاسدين الذين أوقفناهم ويريدون إخراجهم عبر الفوضى، ويعملون لحساب شبكات التهريب التي تلقت ضربات من الدولة». وكانت الحكومة أوقفت رجال أعمال نافذين بدءا من ماي الماضي بتهم ترتبط بالفساد والإثراء غير المشروع، والتآمر على أمن الدولة، وأخضعت بعضهم للإقامة الجبرية. وتتهم الحكومة شبكات تدين بالولاء إلى رجال أعمال موقوفين، بالتحريض على إثارة البلبلة في الشارع واستغلال الاحتجاجات الاجتماعية ضد الغلاء والإجراءات التي تضمنها قانون المالية لعام 2018. واتهم رئيس الحكومة الجبهة الشعبية، ائتلاف اليسار المعارض، بالوقوف وراء تأجيج الشارع. وقال الشاهد «ما حدث أمر مؤسف لكن يجب أن نفرق بين المخربين والتونسيين الذين فقدوا الأمل الذي أتت به الثورة، وفقد الثقة في الطبقة السياسية». وأضاف رئيس الحكومة «رسالتي إلى هؤلاء هو أن القرارات الصعبة التي اتخذتها الحكومة الهدف منها تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وأن نعيد لهم الثقة في البلد والمؤسسات». وتابع في تصريحاته "أريد أن أطمئن التونسيين بأن الدولة صامدة. وسنحمي التونسيين والمؤسسات وسنكشف بعد التحقيقات من يقف وراء هذه العمليات". ومن جانب آخر، تكثف القوى الأمنية والعسكرية الجهود لتأمين المواطنين والمنشآت الحيوية بالبلاد . وقد افاد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية العميد خليفة الشبياني في هذا الصدد انه تم تسجيل تراجع ملحوظ في منسوب الاعمال التخريبية بكامل مناطق البلاد في الليلة الماضية الى جانب الاحتفاظ ب 328 شخصا منذ تاريخ انطلاق اعمال الشغب والتخريب الى غاية الليلة الفارطة . وبين الشيباني في تصريح اليوم الخميس لوكالة تونس افريقيا للانباء ان هذه الايقافات قامت بها الوحدات الامنية بمختلف اسلاكها بكامل البلاد بعد مراجعة النيابة العمومية مشيرا الى انه يجري الان التحري مع 32 شخصا اخرا، الى جانب قيام الوحدات الامنية بمداهمات على ضوء التحريات التي يتم التوصل اليها ،لايقاف العديد من المورطين في اعمال السرقة والنهب . واضاف الناطق الرسمي انه تم تسجيل اصابة 21 عون امن باصابات مختلفة الى جانب الاضرار ب 10 سيارات امنية نتيجة رشقها بالحجارة. وفي تالة بولاية القصرين تم وفق الشيباني حرق مقر الامن الوطني بعد ان تم اخلاؤه موضحا في هذا الصدد ان قوات الامن تقوم باجراء الاخلاء بهدف تجنب الاحتكاك والتصادم مع العناصر التي تقوم بهذه الاعتداءات كما تم في المهدية حسب نفس المصدر حرق حافلة نقل مزدوجة تابعة لشركة النقل بالساحل في مفترق مدينة شربان (ولاية المهدية) كما تعرض مواطنون في بن عروس لعملية سلب دراجتين ناريتين تحت طائلة التهديد باستعمال العنف وباسلحة بيضاء (براكاج) الى جانب محاولة بعض العناصر لاقتحام مغازة بجهة الزهراء وتصدي الوحدات الامنية لهم . وفي توضيحه لاعمال الشغب والتخريب التي جدت بنفزة خلال الليلة الفاصلة بين 9 و10 جانفي الجاري اوضح الشيباني انه تم حرق المستودع البلدي وبلدية المكان واقتحام مركز الامن الوطني بالمنطقة وسرقة حاسوبين اثنين منها الى جانب حرق سيارة تابعة للمركز و سيارة اخرى تابعة لمركز الشرطة البلدية مشيرا في هذا الاطار الى ان مصلحة التوقي من الارهاب باقليم الحرس الوطني بباجة تمكنت من ايقاف عنصرين تكفيريين اثنين مورطين في عملية الحرق والاحتفاظ بهما بعد مراجعة النيابة العمومية ،احدهما صادر في شانه قرار بالاقامة الجبرية . وحول عملية استهداف بيت الصلاة بمعبد يهودي بجربة بزجاجة حارقة ،افاد الناطق الرسمي ان التحريات جارية مع مجموعة من الاشخاص تحوم حولهم شبهة التورط في هذه العملية جميعهم في حالة سراح ولم تتم الى حد الان ايقافات مؤكدا ان ذلك يتم بالتنسيق مع النيابة العمومية . من جانب آخر، أطلقت وزارة الداخلية هاشتاغ "# ما تخربش بلادك تونس محتاجتلك"، على الشبكات الاجتماعية، في سابقة لفتت انتباه وتفاعل التونسيين. ودعت الوزارة، من خلال الهاشتاغ، الشباب إلى "التظاهر بشكل سلمي وعدم المساس بأمن المواطنين وسلامتهم، وعدم الانسياق وراء عمليات التخريب والسرقة للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة". وبمجرد مشاركة صفحة الوزارة على فيسبوك للوسم، انتشر الهاشتاغ وسط التونسيين بشكل واسع، وتباينت ردود فعلهم تجاه خطوة الوزارة. ومن المغردين من نوه بالخطوة واعتبرها محاولة من وزارة الداخلية لمخاطبة الشباب "بلغة العصر"، حسبهم، في حين استغرب آخرون للخطوة في ظل احتدام المواجهات الدامية بين القوات التابعة للداخلية والمحتجين في شوارع مدن تونسية. وفي السياق ذاته، رفض مغردون ما اعتبرون "انسياقا وراء المستثمرين في آلام الشعب"، إذ قال مغرد: "صوتوا على الزيادة ثم يحاولون تحويل وجهة الاحتجاجات لصالح مطالبهم الحزبية". وتتواصل بتونس موجة احتجاجات عارمة بسبب غلاء المعيشة، كما يقول المحتجون، واستنكر النشطاء هذه عمليات التخريب التي طالت مختلف المحلات والمنشآت بنشر صور الخراب الذي خلفته موجة المداهمات على المحلات التجارية ومؤسسات الدولة الخدماتية والاقتصادية، موثقين ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن هاشتاغ وزارة الداخلية، في سياق التنديد بعمليات الاقتحام التخريبية تلك.