مئات ان لم نقل الاف العمارات التي يسكنها مواطنون، وعقارات يتسوغها أصحاب مشاريع، في تونس العاصمة وفي عدد من الولايات، مهددة بالسقوط، وتحمل أغلبها تشققات تنذر بخطورة السكن فيها حتى باتت لا تهدد فقط سلامة متساكنيها بل حتى المارين بقربها، ومع ذلك يواصل الاهالي السكن فيها. المسألة غريبة، وأغرب منها علم الحكومة ومختلف المصالح المعنية بهذا الوضع المأساوي دون التحرك والتعجيل في حلول لتجنب كوارث، كالتي جدت في اكتوبر 2017 بولاية سوسة وتمثلت في انهيار عمارة قديمة، في شارع الجمهورية بالمدينة، أدت إلى وفاة ستة أشخاص، بينهم أطفال وفقدان عدد اخر. هذا وتقرر إصدار مشروع قانون يتعلق بضبط إجراءات ومراحل تشخيص البنايات المتداعية للسقوط وطرق معالجتها وضبط إجراءات وشروط التدخل الوجوبي للسلط المحلية والدولة بالنسبة إلى العقارات المتداعية للسقوط والتي تهدد سلامة متساكنيها والمارة والأجوار. وحسب ما نشرته جريدة الصباح اليومية فإن مشروعا يهدف إلى «سن أحكام تتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط وضبط الشروط والصيغ والأطراف المتدخلة قصد إخلائها وترميمها ترميما ثقيلا أو هدمها وان اقتضى الأمر انتزاعها والإجراءات الكفيلة بضمان حقوق المالكين أو المتسوغين آو الشاغلين ومتطلبات الحفاظ على المال العام. كما يضبط صيغ التدخل في إطار عمليات جماعية لإعادة البناء وتجديد واستصلاح الأحياء وتهذيبها». وفقا لما جاء في الفصل الأول من مشروع القانون. وتضمن مشروع القانون الذي تحصلت «الصباح» على نسخة منه- 41 فصلا موزعة على سبعة أبواب (أحكام عامة وتعريفات، المعاينات والاختبارات الفنية، طرق التدخل، حالات التدخل بالانتزاع، العمليات الجماعية لإعادة البناء وتجديد واستصلاح الأحياء القديمة، العقوبات، أحكام انتقالية). وحسب وثيقة شرح الأسباب المصاحبة لمشروع القانون، فإن النص المقترح – وأمام قصور المنظومة التشريعية والمالية الحالية على ايجاد حل جذري لوضعيات البنايات المتداعية للسقوط وتفاقم حالات البنايات المهددة بالانهيار، وتهاون المالكين في ترميم أو هدم عقاراتهم المهددة بالسقوط- جاء بآليات قانونية جديدة لاستحثاث المالكين على صيانة عقاراتهم، وإجبارهم على ذلك حتى يبقى تدخل البلدية استثناء لرفع خطر مؤكد. مع تمكينها من أفضل الآليات وأسرعها للحفاظ على سلامة المارة والمتساكنين، وإمكانية استرجاع مصاريفها عند القيام بالأشغال نيابة عن أصحاب العقارات المتقاعسين، ويضبط مشروع القانون إجراءات ومراحل تشخيص البنايات المتداعية للسقوط وطرق معالجتها والتنبيه على مالكيها لإخلائها وهدمها أو إصلاحها وان اقتضى الأمر حلول البلدية أو الدولة حسب الحال محل المالكين. وتتلخص أهم محاور مشروع القانون في التأكيد على الطابع الإداري لإجراءات التدخل لاستصدار وتنفيذ القرارات المتخذة في إطار التعهد بالبنايات المتداعية للسقوط سواء بالإخلاء او الهدم او الترميم الثقيل. يذكر أنه تم أصدارحو 5700 قرار بالهدم سنة 2011 ن ، لكن لم ينفذ منها حسب وزارة الداخلية إلا 277 قرارا، الى حدود 2015، تقع أغلبها في الأحياء القديمة. وتجدر الاشارة الى أن أغلب هذه الابنية ورثتها تونس من عهد الاستعمار وبقي أغلبها على ملك الاجانب الذين رفضوا التفويت فيها لتونسيين، فيما الت حوالي 7700 الى البلاد التونسية، وقدرت وزارة التجهيز التي يتولاها حاليا محمد صالح العرفاوي، منذ 2014، عدد 1700 مبنى في تونس على ملك الاجانب آيل للسقوط أو ينذر بالخطر. كما قدرت تكلفة صيانة البقية نحو 86 مليون دينار، على أن تتوزع النفقات على الترميم الثقيل لحوالى 5500 محل، وان حالة بقية الابنية تتتراوح بين متداعية وتبلغ نسبتها 45 في المئة، وأخرى تتطلب الترميم الثقيل وتبلغ نسبتها 49 في المئة، وثالثة في حالة مرضية لا تتعدى نسبتها ستة في المئة. وبالرغم من تغير التشريعات في تونس وتماشيها مع التطورات المستجدة، حيث صادق مجلس نواب الشعب، في جوان 2016، على مشروع قانون الإنتزاع من أجل المصلحة، إلا أن درجة خطورة هذا الوضع ظلت على حالها.