عرفت الساحة السياسية في تونس تقلبات كثيرة انعكست على عمل الاحزاب وتكفي الإشارة إلى أن البلاد عرفت في السنوات السبع الأخيرة سبعة رؤساء حكومات ونحو 11 حكومة، أي بمعدل حكومة كل سبعة أو ثمانية أشهر تقريباً، هذا الوضع جعل الخارطة السياسية للبلاد قابلة للتغيّر في أيّة لحظة وهو ما انعكس على عمل الأحزاب التي تعاني من "اضطراب في المواقف" . و انتقلت الاحزاب في تونس من صفوف الحكم الى سفينة المعارضة قبيل اسابيع من الاستحقاق البلدي، على غرار الحزب الجمهوري وآفاق تونس وصولا إلى حركة مشروع تونس، الذي أعلن الخميس رسميا، خروجه من الوثيقة. و يلاحظ متابعون للشأن العام في تونس، ان انسحاب ثلاث احزاب من الحكم واصطفافهم بشكل متتالي في المعارضة يأتي في سياق التحضير للانتخابات المحلية والاستحقاقات التشريعية والرئاسية المزمع إجراؤها العام المقبل، خاصة مع تأزم الوضع الاقتصادي وفقدان الشعب الثقة في الطبقة السياسية الحاكمة. سبب ثاني جعل هذه الاحزاب تغادر سفينة الحكم لتتنقل الى المعارضة ، يكمل في عدم تمكنها من دفع فاتورة الإخفاقات الاقتصادية الكبيرة التي أجّجت الشارع التونسي، وقادت الى احتجاجات واسعة بسبب غلاء الأسعار والبطالة وغياب التنمية، مع العلم ان نفس هذه الاحزاب كانت تستميت في الدفاع عن الحكومة لتتنصل اليوم من المسؤولية و تنسحب من وثيقة قرطاج خوفاً من آثار تركة الفشل الاقتصادي ومن غضب الناس بسبب تردي الأحوال الاجتماعية وغياب الأمل. و يرى مراقبون أن الأحزاب السياسة في تونس تعيش حالة من الهلع والخوف المرضي من الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها في ماي المقبل، ما جعل أغلبها يدخل في حالة هستيريا غريبة عكستها التصريحات والمواقف والتحالفات والانقسامات داخل كل الأحزاب تقريبا. و تحولت المنافسة على الانتخابات البلدية بحكم الصراع الى هوس بضرورة بعث ائتلافات و تحالفات تضرب الاحزاب الكبرى تحت شعار "التقدمية و الحداثية " و الحال ان الخزينة الانتخابية لهذه الاحزاب تكاد تكون منعدمة مع ترجيح المحللين لفشل هذه التجارب قياسا بتجارب سابقة مماثلة ومنها تجربة جبهة الإنقاذ، التي باءت بالفشل في وقت وجيز . ولم يخف رضا بلحاج المنسق العام لحزب حركة "تونس أولا" هذه المخاوف ، إذ قال "نحن واعون لدى تشكيلنا الاتحاد المدني بضرورة عدم تكرار تجربة جبهة الإنقاذ وبالتالي حصرنا البرامج حاليا على الدخول في قائمات مشتركة للانتخابات البلدية". و اِتّفق 11 حزبا على خوض غمار الاِنتخابات البلدية في قائمات موحّدة في أكثر من 45 دائرة بلدية، تحت إسم الاِتّحاد المدني، وفق ما أكّده عصام الشّابي الأمين العام للحزب الجمهوري، في تصريح أدلى به الجمعة لوكالة تونس إفريقيا للأنباء. يذكر أنّ تنسيقية الأحزاب العشرة تضمّ كلاّ من حركة آفاق تونس وحركة البديل وحركة مشروع تونس وحركة تونس أوّلا والحزب الجمهوري وحزب المستقبل وحزب المسار وحزب العمل الوطني الدّيمقراطي وحزب اللّقاء الدّستوري وحزب المبادرة، واِنضافت إليه الحركة الدّيمقراطية بداية الأسبوع الحالي.