فشلت أغلب الاحزاب السياسية والقيادات الحزبية في تونس في إثبات قدرتها على مجاراة الواقع الديمقراطي والثبات، وإقناع عموم الشعب بمبادئها المتغيرة، حتى تسببت في أزمة ثقة بين التونسيين والاحزاب الناشطة، وحتى مع منخرطيها، ما خلق هوّة كبيرة بينهم وبين الناخبين باتت تهدد وجودها. ويتقن أغلب السياسيين في تونس، ممارسة الموقف وضده، والتراجع عن أغلبها حسب ما تقتضيه المصلحة السياسية، من ذلك مؤسس الحركة الديمقراطية المكونة حديثا، أحمد نجيب الشابي الذي تناقض مع نفسه وناقض شركاءه الجدد في الائتلاف المدني الجديد. في تصريح صحفي على ضرورة تحييد الادارة قائلا: " لدي راي خاص فحياد الادارة شيء اساسي ولا يجب عليها بتاتا التدخل ابدا في الانتخابات البلدية و هيئة الانتخابات هي المسؤولة عن مراقبة كل التجاوزات في هذا الموضوع". وأكد في المقابل، أنه إذا كان وزيرا في الحكومة وبصفته الحزبية وقرر المشاركة في الانتخابات فذلك متاح في جميع الديمقراطيات، مشددا على ان موقفه من دعم الوزراء لأحزابهم في الانتخابات البلدية ليس تبريرا لما يحصل الان وانما جاء بسبب قناعته بضرورة التمييز بين الواجبات الحزبية للوزير وبين المبادئ الكبرى في الحياة السياسية التي تتطلب حيادية الادارة حيث ان المسؤول الاداري مطالب مهما كان موقعه في الادارة التونسية بان لا يتدخل باي شكل من الاشكال في سير العملية الانتخابية وكذلك لا يجب عليه ان يؤثر على الاشخاص الذين يعملون معه. واعتبر الشابي ان مسألة مشاركة الوزراء المتحزبين خلال الانتخابات البلدية المقبلة تضمنه كل الديمقراطيات مشددا على ان منع الوزراء من دعم احزابهم والمشاركة في الحياة السياسية غير مقبول وفق تعبيره. ويتناقض هذا التصريح مع موقف شركائه في الائتلاف المدني المكون حديثا لغايات انتخابية، حيث شدد كل من الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق ومؤسس حركة تونس اولا رضا بلحاج اللذين رفضا مشاركة وزراء الاحزاب الحاكمة في الحملات الانتخابية للانتخابات المقبلة. ويضم الائتلاف المدني أحد عشر حزبا بهدف الدخول في الانتخابات البلدية القادمة بقائمات ائتلافية في 48 دائرة انتخابية وهي الدوائر الراجعة بالنظر الى مركز الولاية وعددها 24 الى جانب تقديم قائمات ائتلافية في 24 دائرة بلدية اخرى بحساب دائرة عن كل ولاية . هذا وأثار إعلان نداء تونس عن قائمة منسقيه الجهويين، لمتابعة الإعداد للحملات الانتخابية للحزب خلال الانتخابات البلدية المقرر عقدها في ماي القادم، جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحزبية. وضمت القائمة أسماء لوزراء ومستشارين في الحكومة ورئاسة الجمهورية مما عزز المخاوف حول نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم، وفرضية التداخل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي لهؤلاء عبر تسخير إمكانيات الدولة لخدمة أجندات الحزب الانتخابية. وشملت قائمة المنسقين الجهويين لنداء تونس 29 مفوضا بينهم 21 يشغلون مناصب في الدولة على غرار مستشاري رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وسليم العزابي والناطقة باسم الرئاسة سعيدة قراش فضلا عن وزراء في حكومة الشاهد منهم وزيرة الرياضة ووزير النقل ووزيرة السياحة ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التربية. وأثارت هذه الخطوة موجة رفض واحتجاج لدى أحزاب المعارضة، التي حذرت من التداخل بين الدولة والحزب الحاكم، وخطورة استغلال النفوذ وإمكانيات الدولة في الحملة الانتخابية البلدية، وطالبت بتحييد الحكومة والنأي بوزرائها عن العمل الحزبي. وتوجهت عدة أحزاب بطلبات الى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالتدخل، محملة اياها مسؤولية اي تجاوز قد يحدث خلال العملية الانتخابية.