الخطاب السياسي المتشنج، وشيطنة شخصيات سياسية، والتخبط في المراحل الاولى من الديمقراطية، باتت أهم ملامح المشهد السياسي التونسي، وموضوع تصريحات اغلب السياسيين حيث أصبحت تسجل حضورا يوميا وبشكل ملفت للانتباه في المنابر الاعلامية والحوارات الصحفية وحتى المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي. و كثيرا ما تتجاوز التصريحات حدود الكلام وضبط النفس لتتحول الى استعراض للعضلات حتى يكاد يتحول الكلام الى تشابك بالايادي. و يرى مراقبون أنّ توجه النخبة السياسية الى التهجم و افتعال الاتهامات ما هو إلا محاولة يائسة لتلميع صورهم و الظهور في صورة "المنقذ" الذي سيخلص البلاد من أزماتها خاصة و اننا على مشارف انتخابات تشريعية و رئيسية ، و فيما تركز بعض الاحزاب على تقديم برامج و مقترحات بديلة يركز بعض السياسيين على خطاب الشيطنة و التحريض . و لا نستبعد في ذلك الخطاب المتشنج الذي تستعملها الجبهة الشعبية حينما يحلّ قياداتها في المنابر الاعلامية ، مستغلين بذلك المعضلة الاقتصادية التي تمر بها البلاد و اهتزاز ثقة المواطنين بالسلطة القائمة . و يرى مراقبون أنّ زحف السياسيين للرئاسيات أعمى بصيرتهم فأضحوا لا يرون سوى الكرسي موارين اهتمامهم بالمبادئ و أخلاقيات العمل السياسي. و قال الناطق باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي انه يحمل السلطة مسؤولية عمليات الترهيب والتهديد التي يتعرض لها الحزب ومختلف التيارات الديمقراطية في البلاد. وأضاف حمة الهمامي في مداخلة في قناة الميادين النظام الاخواني الإرهابي المتحالف مع النظام القديم الممثل في نداء تونس وراء حملات ترهيبنا وتهديدنا. وأكد حمة الهمامي ان التيار المدني الديمقراطي سينتصر في النهاية على التيارات الظلامية والليبرالية المتوحشة. و فيما يتمسك حمة الهمامي بالخطاب المتشنج ، تلتزم احزاب أخرى بسياسة "ضبط النفس" حرصا على استقرار البلاد و عدم سقوطها في مستنقع "التصريحات العدوانية " . تصريح ثان لاقى رواجا كبيرا و صدر عن القيادية بالتيار الديمقراطي سامية عبو ، و التي اكدت لدى مداخلتها ببرنامج بث على قناة حنبعل ان انتخاب النهضة او النداء سيكون من باب الغباء ، و قالت بصحيح العبارة : "النهضة و النداء في بالهم "الشعب غبي باش ينتخبهم" ، فيما يجيبها منتقدوه ان النظام الديمقراطي في تونس يكفل للشعب اختيار من يراه الافضل و ليس في حاجة لتوصيات . ولا تعد مثل هذه التصريحات التي يستعمل فيها السياسيين عبارات خارجة و خارجة عن ما يفرضه العرف الديمقراطي ، الأولى من نوعها، حيث تسجل تلك التصريحات حضورا يوميا وبشكل ملفت للانتباه كما تشهد الظاهرة تناميا . وقد شهد بهو مجلس نواب الشعب في جانفي من هذا العام حالة من التشنج بين نواب من كتلة نداء تونس ونواب من الجبهة الشعبية وصلت حد التلاسن والتدافع والتشابك بالأيدي بين رئيس كتلة النداء سفيان طوبال والنائب عن الجبهة الشعبية نزار عمامي، و لولا تدخل عديد النواب لفض الإشتباك لتطورت الأمور إلى ما هو أسوء. وشهدت جلسة مناقشة قانون المصالحة الادارية في سبتمبر المنقضي حالة من الشد والجذب بين كتل المعارضة وكتل بقية الاحزاب، حيث قام نواب المعارضة بالوقوف أمام الكاميرا والتصفيق والضرب على الطاولة وإطلاق النشيد الرسمي حتى لا يسمع صوت رئيس لجنة التشريع العام خلال تلاوته للتقرير، وتواصلت هتافاتهم داخل قاعة المجلس حتى أن تدخلات النواب لا يمكن سماعها.