بدأت حماوة الانتخابات تظهر في معظم المناطق مع محاولة الاحزاب اثبات تواجدها في الساحة السياسية ، عبر الحملات الانتخابية و الظهور اليومي في المحطات الاعلامية ناهيك عن المشاركة الفعالة في مواقع التواصل الاجتماعي ، بيد ان الظهور اليومي لم يكن موجودا بصورة ممثالة في الاوقات التي تطلبت حضور السياسين لتلبية نداءات الاستغاثة في المناطق المنسية ، و انما حفاوة الأحزاب أضحت تظهر فقط في الفترة التي تسبق بقليل موعد الانتخابات البلدية . و يلاحظ متابعون للشأن العام في تونس ان الأحزاب اختفت تماما من المشهد السياسي مباشرة بعد انقضاء الانتخابات التشريعية، ولم يبق من أثر لها على الساحة، سوى تلك التي صنعت الحدث بمشاكلها وحركاتها التصحيحية. مشهد عزّز الانتقاد القائل بأن الأحزاب أصبحت مجرد أدوات سياسية للاستثمار في المغانم. وباستثناء أحزاب تعدّ على اصابع اليد الواحدة بقيت وفية لقواعدها عبر نشر مواقفها و تشريك المواطنين في قراراتها ، فانّ بقية الاحزاب وخاصة الأحزاب الجديدة التي ملأت الساحة السياسية ضجيجا قبل التشريعيات الأخيرة، اختفت نهائيا من المشهد، بشكل أعطى الانطباع وكأنها غير موجودة أصلا. و يرى مراقبون أنه لا شيء يوقظ الأحزاب السياسية التونسية من حالة السبات العميق إلا التكالب على الانتخابات والتسابق على الكراسي والتنازع على الصلاحيات والمكاسب و باتت الاستحقاقات الانتخابية الوطنية موعدا سياسيا معهودا لبداية زخم حزبي قوامه التحالف في جبهات انتخابية وجوهره الانشقاقات وكينونته تسجيل النقاط السياسية ونشر غسيل الأحزاب السياسية، وهي مشهدية عهدها المواطن التونسي واستجلى حقائقها. وتعدّ الانتخابات البلدية المنتظر إجراؤها في ماي المقبل حسب متابعين للشأن التونسي، امتحانًا حقيقيًا ستخوضه الأحزاب السياسية في البلاد نحو تحقيق الحكم المحلي وتخفيف الضغط عن السلطة المركزية، لما للأمر من تأثير على التجربة الديمقراطية الوليدة في البلاد، كما يراهن أغلبية التونسيين على هذه الانتخابات وما ستفرزه من مجالس بلدية وجهوية لتركيز مؤسسات حكم محلي حقيقية تكون حلقة وصل بين المواطن والسلطة المركزية، وتمكنهم من المشاركة في إدارة شؤونهم بأنفسهم وتخفف من وطأة السلطة المركزية. و يذكر أن الانتخابات المحلية كانت مقررة في 30 من أكتوبر 2016، ثم تأجلت إلى 26 من مارس 2017، ثم إلى 17 من ديسمبر من نفس السنة نظرًا لأن البرلمان لم يصادق على القانون الانتخابي إلا في الأول من فيفري الماضي، بسبب خلاف بين الكتل البرلمانية بشأن القانون الانتخابي وبخصوص تصويت رجال الأمن والجيش في الانتخابات، لتؤجل بعد ذلك إلى ال25 من شهر مارس 2018 وليكون الموعد النهائي مبدئيا يوم 6 ماي من نفس السنة. وتتعلق هذه الانتخابات التي من المفترض أن يشارك فيها العسكريون وأفراد الأمن لأول مرة في تاريخ تونس، بانتخاب أعضاء المجالس البلدية في 350 دائرة بلدية، بينها 86 بلدية حديثة العهد، و24 مجلسًا جهويا موزعة على مختلف البلديات، بمقاعد تزيد عن 7 آلاف مقعد.وقد ضبط نص القرار، رزنامة الانتخابات البلدية لسنة 2018 ، التي وردت في 12 فصلا مدرجة في 4 أبواب، وهي باب تسجيل الناخبين وباب الترشحات للانتخابات البلدية وباب الحملة الانتخابية وباب الاقتراع والإعلان عن النتائج، الذي جاء فيه أن التصريح بالنتائج الأولية للانتخابات سيكون في اجل أقصاه يوم 9 ماي 2018 ، على أن تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات اثر انقضاء الطعون، الإعلان عن النتائج النهائية في اجل أقصاه يوم 13 جوان 2018.ووفق الرزنامة، فان عملية استكمال تسجيل الناخبين انطلقت يوم 19 ديسمبر الجاري وتتواصل إلى غاية يوم 6 جانفي 2018 ،على أن توضع قائمات الناخبين على ذمة العموم يومي 11 و 12 جانفي المقبل.