تعيش تونس مؤخرا على وقع مشهد سريالي ترجمه تكالب الأحزاب على الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في ماي المقبل، ويتوقّع مراقبون أن يكون "نداء تونس" عنوان المرحلة السياسية الجديدة بسبب إعادة خلط الأوراق مرة أخرى. فالنداء بعد أن جنّد أكثر من نصف أعضاء الحكومة وكتاب الدولة ومستشارين في القصبة وقرطاج للإشراف على حملته الإنتخابية ومتابعتها، يعلن اليوم عن توجيهه دعوة لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي لحضور الاجتماع الذي سيُطلق خلاله حملته الانتخابية. هذا وأكد القيادي بحركة نداء تونس و رئيس اللجنة الوطنية للانتخابات البلدية أنيس غديرة، أن حركته ستوجه دعوة لرئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، بصفته رئيسا شرفيا للحزب، لحضور الاجتماع الافتتاحي للحملة الانتخابية، مشيرا الى أن قبول الدعوة من عدمه يعود للسبسي. وأضاف غديرة في حواره لأسبوعية "الشارع المغاربي" بعددها الصادر الثلاثاء 30 جانفي 2018 عن آخر تحضيرات الحزب، وأن النداء يُعدّ مفاجآت على رأس قائماته في الانتخابات البلدية وأنّه ستكون هناك شخصيات وطنية على رأس القائمات في عديد البلديات خاصة البلديات الكبرى وسيكون هناك حضور متميز للمرأة على رأس القائمات وشخصيات معروفة في جهاتها بنظافة اليد وقدرتها على القيادة. ورجّح أن يرأس كمال إيدير (رئيس سابق للنادي الإفريقي وخبير دولي لدى منظمة الصحة العالمية) إحدى القائمات في الانتخابات، مفنّدا ما يتم تداوله عن تلقّي الحزب تمويلات من دولة الإمارات. تعليقا على دعوة رئيس الجمهورية لحضور اجتماع حزبي، أكد القيادي وعضو الهيئة السياسية ل "حزب نداء تونس" محمد رمزي خميس، في تصريح ل"الشاهد"، أن قيادات الحزب لا علم لها بتوجيه دعوة لرئيس الجمهورية بحضور اجتماع شعبي متعلق بالحملة الانتخابية للحزب. وأشار إلى أن رئيس الجمهورية سبق أن شارك في اجتماعات حزبية لبعض الاحزاب الأخرى على غرار مؤتمر حركة النهضة ومؤتمر النداء أيضا، وإن كان يرى فائدة من المشاركة في اجتماع شعبي للحركة فعليه أن يشارك في اجتماعات شعبية لبقية الأحزاب لأنه رئيس كل التونسيين حسب تعبيره. وحول استعدادات الحركة للانتخابات البلدية، أكد محدث "الشاهد"، أن استعداداتهم على قدم وساق في المحليات وعلى مستوى مركزي، وشدد على ان الحزب أنهى تقريبا كافة استعداداته باستثناء بعض الوثائق التي طرحتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حديثا. وأضاف خميس أن الحزب سيشارك بقائمات حزبية في جميع الدوائر ال350 دون استثناء، وستبقى منفتحة على الكفاءات وأبناء الجهات المستقلين. وكان إعلان نداء تونس عن قائمة منسقيه الجهويين، لمتابعة الإعداد للحملات الانتخابية للحزب خلال الانتخابات البلدية المقرر عقدها في ماي القادم، قد أثار جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحزبية. وضمت القائمة أسماء لوزراء ومستشارين في الحكومة ورئاسة الجمهورية مما عزز المخاوف حول نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم، وفرضية التداخل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي لهؤلاء عبر تسخير إمكانيات الدولة لخدمة أجندات الحزب الانتخابية. وشملت قائمة المنسقين الجهويين لنداء تونس 29 مفوضا بينهم 21 يشغلون مناصب في الدولة على غرار مستشاري رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وسليم العزابي والناطقة باسم الرئاسة سعيدة قراش فضلا عن وزراء في حكومة الشاهد منهم وزيرة الرياضة ووزير النقل ووزيرة السياحة ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التربية. هذه الخطوة أثارت موجة رفض واحتجاج لدى أحزاب المعارضة، التي حذرت من التداخل بين الدولة والحزب الحاكم، وخطورة استغلال النفوذ وإمكانيات الدولة في الحملة الانتخابية البلدية، وطالبت بتحييد الحكومة والنأي بوزرائها عن العمل الحزبي.