فجّر إعلان نداء تونس عن قائمة منسقيه الجهويين، لمتابعة الإعداد للحملات الانتخابية للحزب خلال الانتخابات البلدية المقرر عقدها في شهر ماي القادم، جدلا واسعا بين الأوساط السياسية والحزبية. وضمت القائمة أسماء لوزراء ومستشارين في الحكومة ورئاسة الجمهورية مما عزز المخاوف حول نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم، وفرضية التداخل بين العمل الحزبي والعمل الحكومي لهؤلاء عبر تسخير إمكانيات الدولة لخدمة أجندات الحزب الانتخابية. وشملت قائمة المنسقين الجهويين لنداء تونس 29 مفوضا بينهم 21 يشغلون مناصب في الدولة على غرار مستشاري رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وسليم العزابي والناطقة باسم الرئاسة سعيدة قراش فضلا عن وزراء في حكومة الشاهد منهم وزيرة الرياضة ووزير النقل ووزيرة السياحة ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التربية. و يرى مراقبون ان العديد من الوجوه المحسوبة على نظام بن علي يتوجهون بكثافة نحو حزب نداء تونس من أجل تعزيز صفوفه، ويرون في ذلك فرصة ذهبية لاستعادة ما فقدوه بعد رحيل الرئيس المخلوع ولهذا السبب بالذات، يخشى الكثيرون من حصول التفاف خطير على العملية الديمقراطية بمجملها، وإفراغها من محتواها، وإعاة انتاج نسخة معدلة ومشوهة من النظام السابق. وطالب صوت الفلاحين الوزراء و كتاب الدولة الذين كلفوا بهذه المهام الانتخابية لأحزابهم بالاختيار بين العمل الحزبي أو الحكومي داعيا جميع الاطراف الممضية على وثيقة قرطاج الى تحمل مسؤولياتها امام ما وصفه بالانحراف الخطير لما تضمنته الوثيقة و الحكومة المنبثقة عنها. ودعا الحزب من جهة اخرى الاحزاب السياسية الى الالتزام باحكام الدستور و احترام مشاعر التونسيين و التحلي بالقدر الادنى من الاخلاق السياسية الى جانب الكف عن محاولاتها اليائسة للرجوع بتونس الى مربع الصفر وعدم الزج بالحكومة في المهزلة،وفق نص البيان. و دعا صوت الفلاحين، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى النأي بحكومته عن التجاذبات السياسية و الحزبية و إقالة كل عضو بالحكومة يقوم بحملة انتخابية لحساب أي حزب. واعتبر الحزب في بيان أصدره على خلفية تكليف عدد من الوزراء وكتاب الدولة بمهمة الإشراف على الانتخابات البلدية لفائدة أحزابهم ،ان هذه التكليفات تعد صدمة للتونسيين ومخالفة للدستور و مهددة لوحدة الحكومة المنبثقة عن وثيقة قرطاج. وكانت عدة أحزاب قد راسلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ورئيس الحكومة بخصوص تكليف عدد من أعضاء الحكومة (وزراء وكتاب دولة) في مطلع الشهر الجاري ،كمنسقين جهويين تابعين لحزب نداء تونس مكلفين بالإعداد للانتخابات البلدية معتبرين هذه التكليفات توظيفا لإمكانيات الدولة لصالح هذا الحزب وتهديدا للمسار الديمقراطي،حسب ما جاء في بلاغات ومراسلات هذه الاحزاب . و سارعت ثلاثة أحزاب تونسية معارضة – حركة الشعب والحزب الجمهوري وحركة تونس أولا- إلى مراسلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للتعبير عن مخاوفها على نزاهة الاستحقاق الانتخابي القادم في ظل القائمة التي طرحتها حركة نداء تونس. و في تعقيبه على الأمر ، أكد محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أن مجلس الهيئة سيجتمع الأسبوع المقبل للنظر في شكاوى الاحزاب الثلاث . وقال المنصري إن الأحزاب الثلاثة استندت في شكواها إلى مبدأ حياد الإدارة وعبّرت عن مخاوفها على نزاهة الاستحقاق الانتخابي المقبل في ظل القائمة التي طرحها حزب النداء استعداداً للبلديات. وتتخوّف الأحزاب الثلاثة من استغلال النداء لإمكانيات الدولة وتطويعها في حملة الحزب الانتخابية والتأثير على المسار الانتخابي وإعادة تكرار السيناريو الذي استخدمه نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي في السيطرة على الحياة السياسية من خلال التداخل بين أجهزة الحزب الحاكم وأجهزة الدولة. وأشار المنصري، في تصريح إعلامي، إلى عدم وجود نص قانوني يمنع أعضاء حكومة الشاهد المنتمين إلى النداء من الالتحاق بهذا الحزب والمشاركة في إعداد الانتخابات المقبلة، واعتبر أن هذه مسألة تعني كل الأطراف المهتمة بالانتخابات البلدية وليس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وحدها.