مع اقتراب موعد الاستحقاق البلدي المنتظر في ماي المقبل، دخل المشهد السياسي التونسي مرحلة من السريالية في كثير من تمظهراته وتجلياته ولم يعد يخضع للمتعارف عليه في العلوم السياسية، حتى أضحت كل مستجداته مبهمة وغير مفهومة تحمل كثيرا من العبث السياسي. فتشابكت المصالح بين الاحزاب بطريقة مبهمة وغير مفهومة، وتداخلت بهدف تحقيق مصالح حزبية وسياسوية لا تتعدى غايتها حصد أكثر عدد ممكن من الاصوات خلال المحطات الانتخابية، منها تجمع 11 حزبا من تيارات وعائلات فكرية مختلفة ضمن ما اُطلق عليه ائتلاف مدني، توسعت رقعة خلافاته قبل أن ينطلق في العمل وهو ما ينذر بانهياره، في ظل عدم تناغم مواقف مكونيه، في عدة نقاط منها الحملة الانتخابية لنداء تونس كما أن اختلاف توجهات هذه الاحزاب التي تنتمي لعائلات فكرية مختلفة سيكون الهاجس الاكبر أمام إمكانية توافقهم مع تمسك المكتب المحلّي لآفاق تونس بالحمّامات فكرة الدّخول في الإئتلاف ويتمسك بالدخول للانتخابات بقائمة حزبيّة آفاقيّة. هذا ويتناقض مؤسس الحركة الاجتماعية أحمد نجيب الشابي مع مواقف الأحزاب المشاركة في الائتلاف حول مسألة مشاركة أعضاء الحكومة المنتمين الى حركة نداء تونس في الحملة الانتخابية للحزب، حيث اعتبر أنه إذا كان وزيرا في الحكومة وبصفته الحزبية وقرر المشاركة في الانتخابات فذلك متاح في جميع الديمقراطيات، مشددا على ان موقفه من دعم الوزراء لأحزابهم في الانتخابات البلدية ليس تبريرا لما يحصل الان وانما جاء بسبب قناعته بضرورة التمييز بين الواجبات الحزبية للوزير وبين المبادئ الكبرى في الحياة السياسية التي تتطلب حيادية الادارة حيث ان المسؤول الاداري مطالب مهما كان موقعه في الادارة التونسية بان لا يتدخل باي شكل من الاشكال في سير العملية الانتخابية وكذلك لا يجب عليه ان يؤثر على الاشخاص الذين يعملون معه. وهو ما لا ينسجم مع موقف شركائه في الائتلاف، حيث شدد كل من الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق ومؤسس حركة تونس اولا رضا بلحاج الذين رفضوا مشاركة وزراء الاحزاب الحاكمة في الحملات الانتخابية للانتخابات المقبلة. في طرف اخر من مستجدات العمل الحزبي، كذّب كل من حزب التيار الديمقراطي و التكتل من أجل العمل والحريات، تصريحات رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي التي أكد فيها أن حزبه يتجه لتشكيل قائمات حزبية مشتركة بهدف دخول الإنتخابات البلدية ضمن قائمات إئتلافية مع الحزبين المذكورين. ونفى الناطق الرسمي باسم التيار الديمقراطي غازي الشواشي في تصريح ل"الشاهد"، وجود أي تنسيق أو اتفاق مع حزب حراك الإرادة الذي يرأسه المرزوقي بشأن الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في ماي المقبل. وأكّد الشواشي في تصريح لموقع " الشاهد" أنّ حزب التيار الديمقراطي سيخوض الانتخابات البلدية بقائمات "تيارية" خاصة ، مع احتمالية دخول الحزب في قائمات مشتركة مع مستقلين في الاماكن التي استعصى فيها تركيز مكاتب جهوية و محلية خاصة بالحزب. في سياق اخر، وجه منسق عام مبادرة اليسار عبيد البريكي دعوة الى الجبهة الشعبية من اجل الالتحاق بمبادرته الجديدة التي تحمل اسم "حركة تونس الى الأمام" ، مشددا على أن 5 أحزاب أعلنت رسميا التحاقها بحزب اليسار التونسي، والنقاش جاري مع أحزاب أخرى . وقال إن هذه المبادرة تبقى مفتوحة أمام كل الأطراف السياسية الراغبة في الانضمام إليها، وتعديل كفة المشهد السياسي التونسي، ومن بينها تحالف «الجبهة الشعبية» الذي يضم 11 حزباً سياسياً موزعة بين اليساري والقومي. تفاعلا مع هذه الدعوة، قال القيادي في الجبهة الشعبية والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي زهير حمدي في تصريح ل"الصباح نيوز" ان النقاش بين الاطراف يكون على اساس نقاط مشتركة بين الطرفين واضاف زهير حمدي : "اعتقد انه لا يوجد اشياء مشتركة بين الجبهة الشعبية وحزب البريكي كما انه لا وجود لقواسم مشتركة بينهم ، لافتا الى ان الجبهة الشعبية في تشخصيها وقراءتها للواقع والاجوبة والبدائل ورؤيتها للمسائل الاقتصادية لا تتماشى مع مبادرة عبيد البريك. وشدد حمدي على انه لا مجال لالتقاء الجبهة الشعبية مع مبادرة البريكي خاصة وانه لديها برنامجها وبدائلها على الساحة الوطنية وهي منفتحة على كل الشخصيات الوطنية والبدائل السياسية التي تتماشى معها