ستّ سنوات انقضت على تأسيس ائتلاف ‘الجبهة الشعبية' المعارض، وعلى الرّغم من التغيرات التي شهدتها الساحة السياسية في تونس منذ ذلك الآن إلى يومنا هذا لم تغيّر الجبهة من خطابها "الضدّي" و"المعارض" لكلّ ما يأتي من منبر الحكم سواء أكان على حقّ أو على باطل، وكأنها تأسست لا لغاية إلّا لقول "لا". منذ انبعاثها في 2012، ارتبط شعار "نحن ضدّ" بالجبهة الشعبية لإصرارها في كلّ المحطات المصيرية ،أو حتى منها البسيطة، التي تمرّ بها البلاد بالوقوف عكس الجميع حتى وإن بان جليّا وواضحا للعيان خطأ اختيارها، مما أضحت تلقّب ب"المعارضة الهدّامة"، باعتبارها تعترض دون تقديم أي بدائل واقعية لحلحلة أزمات البلاد. ولعلّ موقفها الأخير إبان زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى تونس الذي ورد "لامنطقيّا" إلى حدّ ما خير دليل على إصرارها على "الضدّية" فقط من أجل "الضدّية" لا غير. وكانت كتلة الجبهة الشعبية بمجلس نواب الشعب قد دعت ، مساء الأربعاء 31 جانفي 2018، الحكومة الفرنسية إلى اتّخاذ "جملة إجراءات عاجلة منها فسخ إجمالي ديونها العمومية الثنائية المتخلدة بذمة الدولة التونسية"، معتبرة أنّ ذلك يُعدّ "اعترافا من الدولة الفرنسية بدَيْنها التاريخي تجاه تونس وتخفيفا لعبء الدين الخارجي العمومي الذي يعدّ من أبرز أسباب أزمة المالية العمومية". وهو ما يعدّ غير منطقيّ نسبيّا ، إذ أن تعهّد دولة تقديم المساعدة إلى دولة أخرى لا يعني قابليّتها للتنازل الكامل لها ، الأمر الذي تدركه قيادات الجبهة جيّدا بيد أنهم خيروا رغم ذلك المطالبة بإلغاء الديون فقط من أجل خلق جدل لدى الرأي العام التونسي واستمالة عاطفة التونسيين من خلال ذلك. وقد طالبت كتلة الجبهة الشعبية، في بيان أصدرته بمناسبة زيارة رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون إلى تونس، الحكومة الفرنسية ب"الترفيع المعتبر في المساعدات المالية للتنمية في تونس، خاصة في مجالات التعليم والبحث العلمي والصحة وحماية البيئة"، فضلا عن اتخاذ "إجراءات تهدف إلى ضمان حريّة تنقل المواطنات والمواطنين التونسيين بين البلدين". ونبّهت إلى أنّ "العلاقات التونسية الفرنسية تميّزت، منذ نهاية القرن التاسع عشر، بهيمنة الدولة الفرنسية سواء خلال الفترة الاستعمارية أو بعدها وأن المصالح الاقتصادية الفرنسية تحتل مكانة كبيرة صلب الاقتصاد التونسي، وهو ما أضّر بمصالح تونس وشعبها"، مضيفة أنّ تونس تعيش في الوقت الراهن "أخطر أزمة اقتصادية واجتماعية عبر تاريخها الحديث، في حين تكتفي الدولة الفرنسية التي طالما دعمت النظام الدكتاتوري في تونس بالتعبير عن مجرد رغبتها في دعم تونس ومساعدة دولتها على تحقيق تطلعات شعبها في الحرية والكرامة". كما لاحظت الكتلة أن "تحقيق ما عبّرت عنه الثورة التونسية من تطلّعات شعبية نحو الحرية والكرامة يتطلب تغييرا جذريا في طبيعة وأسس العلاقات الثنائية بين تونسوفرنسا وبناء علاقات جديدة قائمة على الاحترام المتبادل لسيادة الشعبين وعلى تعاون منصف يراعي مصالح البلدين هو الشرط الضروري لضمان الاستقرار والازدهار والأمن لكافة شعوب المنطقة". و أكّد القيادي عن الجبهة الشعبية و النائب عن الكتلة شفيق العيادي ، ان العلاقة التونسية-الفرنسية علاقة ضاربة في القدم و لكنها غير متوزانة ، على حدّ قوله . و أضاف نفس المصدر في تصريح خصَ به موقع "الشاهد" ان العلاقة مبنية على الاستعمار و السرقة و النهب من قبل فرنسا التي عملت على إعاقة و تركيع النموّ الاقتصادي الطبيعي لبلادنا . و أردف شفيق العيادي بالقول " حان الوقت بأن تطالب السلطات التونسية الحكومة الفرنسية بالتعويض على فترات النهب و السرقة والاستعمار ، و أبسط الاشياء التي من الممكن ان تقوم بها فرنسا في هذا الظرف هو الفسخ التام للديون المتخلدة لدى تونس و تخفيف الأعباء على بلادنا التي ازداد حجم ديونها و توسعت ازمتها المالية ، و تابع بالقول " إذا حقّافرنسا جادّة في مدّ يدها للمساعدة عليها ان تنطلق أوّلا في ترفيع مساعداتها المالية في التعليم و الصحة و حماية البيئة و تسهيل عملية تنقل التونسيينلفرنسا مثلما هو الحال مع الفرنسيين الذين يرتحلون بحرية و يسافرون بسهولة من بلدهم إلينا .