تكدّست الأزمات داخل كتلة نداء تونس، بدءا بالانشقاقات التي دامت لأشهر وأفقدت الكتلة البرلمانية للحزب رصيدا هاما من مناضليه ونوابه وصولا إلى الصراع الدائر داخل هياكل الحزب، الذي أدى إلى انفجار في هياكله الوطنية ومكاتبه الجهوية بعد انتفاضة المنسقين في عدد من الولايات. ولئن كان التمثيل السياسي لكتلة النهضة يتمتع بقدر من الاستقرار، فإن التمثيل السياسي لكتلة نداء تونس -التي كانت الأولى في الانتخابات- ليس له نفس القدر من الاستقرار، فالكتلة لم تستطع الحفاظ على تماسكها الداخلي و انقسمت الى جزيئات . وشهدت كتلة نداء تونس تراجعا عدديا ملفتا، حيث يبلغ عدد أعضائها رسميا 57 نائبا دون اعتبار المهددين بالمغادرة، في حين كانت تضم 86 مع انطلاق أعمال مجلس نواب الشعب سنة 2014.وألقى صراع الأجنحة داخل الحزب، والصراع على الزعامة والقيادة بعد انتخاب مؤسس الحزب الباجي قائد السبسي رئيسا للجمهورية بظلال سوداء على الكتلة البرلمانية التي شهدت انتكاسات وتعثّرات كبيرة وخلافات واختلافات حادّة داخلها، جعل عدد نوابها يتقلّ أن غادرها حوالي 30 نائبا، لتفقد موقعها ككتلة أولى لصالح حركة النهضة التي استطاعت أن تحافظ على وحدتها ككتلة برلمانية متماسكة ومتجانسة ب68 نائبا. و حول مدى تداعي أزمة النداء على أداء الحكومة، بيّن أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، في تصريح إعلامي ، أن أزمة كتلة نداء تونس أثرت بشكل واضح على استقرار البرلمان والحكومة، كما كانت لها تداعيات سلبية على المشهد السياسي ومختلف دواليب الدولة، مشيرا إلى أن عدم استقرار كتلة الحزب الحاكم ومختلف هياكله سيكون له تأثير على أداء هذا الحزب ومشاركته في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ولم تفقد كتلة نداء تونس موقعها ككتلة أولى،فحسب، بل فقدت عددا هاما من نوابها، والشقوق التي أصابت حزب النداء وانتهت بتفريع كل من أحزاب مشروع تونس، وتونس أوّلا وبني وطني وحزب المستقبل، أصابت بدورها الكتلة البرلمانية التي انقسمت إلى ثلاث كتل وهي كتلة الحرّة التابعة لحزب مشروع تونس والتي تعدّ اليوم ثالثة قوّة برلمانية في مجلس نواب الشعب، والكتلة الوطنية التي رغم تمسّكها باستقلاليتها الحزبية إلا أنها تساند حكومة الوحدة الوطنية. ما يجعلنا نجد أنفسنا أمام حزب لا يشكو من غياب الرؤية والبيداغوجيا والتواصل فقط ، بل نجده يسقط ضحية عدم الاستقرار الحزبي ما أثر بشكل سلبيّ على الأداء الحكومي. و من المتوقع ان تؤثر الازمات التي يعيشها النداء على أداءها في المعترك الانتخابي ، خاصة و ان جلّ المراقبين للشأن العام في البلاد أقرّوا بفشل الحزب في الحفاظ على الثقة التي منحها إياه التونسيين وهو ما تُترجمه استطلاعات الرأي التي عكست تراجع هذا الحزب ترتيبيّا . و يرى مراقبون إن الصورة الحقيقية أو الصورة القريبة من الواقع تكمن في أن حزب نداء تونس، وبقطع النظر عن التفاصيل، هو حزب فشل فشلا ذريعا في امتحان الحكم وفقد ثقة الناس سواء من انتخبه أو من فكّر في انه كان يمثل البديل لحكم الترويكا. لكن المصيبة أن فشل هذا الحزب لن يقف تأثيره السلبي على الندائيين أو على من كانوا ندائيين وإنما على الحياة السياسية في البلاد ككل.