تحيل تطورات المشهد السياسي خلال الاشهر الأخيرة، إلى ان نداء تونس بدأ يشعر بالخطر، بعد أن فقد أغلب قياداته، وخسر معها قاعدته الشعبية في الجهات، فضلا عن فك ارتباطه مع شريكه في الحكم (حركة النهضة)، وهو ما يدفعه الى تكثيف نشاطاته الانتخابية تحضيرا للاستحقاق البلدي، في ظل مخاوف من أن يكتب نهايته. وتشير تقارير اعلامية وتسريبات سياسية الى ان نداء تونس الذي كان من المفروض ان يساند حكومته بات غير ثابت من حيث سلوكه ومواقفه تجاهها، وقد يكون ذلك بداية تخليه عنها، ويربطون ذلك بممارسته ضغوطات متنوعة يقولون إنها خفية في الغالب على الحكومة. ويرى المحلل السياسي محمد بوعود في تصريح ل"الشاهد"، أن نداء تونس لن يستطيع ان يترشّح في كامل الدوائر البلدية، وأنه سيلجأ مثل غيره الى القائمات المواطنية، من أجل ملء الفراغ الذي تركته الاستقالات الكثيرة والخلافات المتواصلة منذ سنوات بين المنسقين الجهويين من جهة وبين القيادة المركزية، وبين المنسقين وبين منظوريهم في المحليات من جهة ثانية، وبين المحليات في داخلها. وأشار إلى أن الحزب قد استُنفد أيضا من الداخل، من خلال المعارك التي عاشها طيلة فترة وجوده، خصوصا بعد مباشرته للحكم، سواء بخروج محسن مرزوق، وما حمله معه من هياكل وأنصار ومريدين في الجهات والمدن الكبرى، أو كذلك بخروج رضا بلحاج، والنقابيين واليساريين وأناس لهم مكانة اعتبارية مثل لزهر العكرمي او مصطفى بن أحمد وغيرهما، ممن ترك خروجهم أثرا كبيرا لدى عدد لا بأس به من أنصار الحزب في الجهات. محدث "الشاهد" لفت أيضا إلى ان قيادة نداء تونس حاولت تجاوز هذه الوضعية، لكن بعد فوات الاوان ربّما، حيث سارعت القيادة بتأسيس ما يشبه غرفة عمليات مكلّفة بالتحضير للبلديات، لانها شعرت بخطر حقيقي، بعد اعلان رئيس الدولة، الدعوة للانتخابات في 6 ماي، وهي التي كانت تراهن ربما على عدم اجرائها حتى في هذا الموعد الاخير. هذا ويشير مراقبون إلى أن نداء تونس دخل مرحلة عمل جديدة تقوم على تعزيز صفوفه بشكل علني بأعضاء سابقين من التجمع، فيما تقول المعارضة إنه سيمكّن أتباع وقيادات الحزب المنحل -الذين يطلقون عليهم اسم الأزلام- من العودة للساحة السياسية من باب واسع رغم مطالب شعبية بإبعادهم من الحياة السياسية. وتُعتبر خطوة تكوين قائمة منسقيه الجهويين، لمتابعة الإعداد للحملات الانتخابية للحزب خلال الانتخابات البلدية، والتي ضمت أسماء لوزراء ومستشارين في الحكومة ورئاسة الجمهورية، أحد مظاهر تخوفات الحزب من إمكانية الفشل خلال المحطات المقبلة بعد استفراغه من أغلب قياداته. وشملت قائمة المنسقين الجهويين لنداء تونس 29 مفوضا بينهم 21 يشغلون مناصب في الدولة على غرار مستشاري رئيس الجمهورية نور الدين بن تيشة وسليم العزابي والناطقة باسم الرئاسة سعيدة قراش فضلا عن وزراء في حكومة الشاهد منهم وزيرة الرياضة ووزير النقل ووزيرة السياحة ووزير الخارجية ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التربية. كما يحاول الحزب مؤخرا لم شتاته وإعادة تجميع أشلائه التي تفرعت عنه من أجل إحياء صورة 2014، ومحاولة إعادة التموضع من جديد في الساحة السياسية، واسترجاع الحزب لشعاراته التي تأسّس عليها. هذا ونقلت مواقع اعلامية عن مصادر موثوقة، وجود نقاشات مهمة مع أكثر من حزب متفرّع من "النداء" وشخصيات ونواب كانوا غادروا الحزب (بني وطني، تونس أولاً، الكتلة الوطنية، المستقبل)، فيما تدور النقاشات الأهم مع حركة "مشروع تونس" ومؤسسها محسن مرزوق، الذي كان مدير الديوان الرئاسي ومدير حملة الرئيس، الباجي قائد السبسي، وأمين عام "نداء تونس" سابقاً. ويشير مراقبون إلى أن الحركة منشغلة خلال هذه الفترة، بترميم نفسها، واستعادة أشلائها التي انشقت عنها، وكونت أحزاب معارضة لها، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ويعمل النداء بالتزامن على احياء صورة 2014 لاقناع الناخبين، حيث تجتمع هذه المحاولات على إعادة التموضع من جديد في الساحة السياسية، واسترجاع الحزب لشعاراته التي تأسّس بها، إضافة إلى تقوية الحزب واستعادة الشخصيات التي كانت معه وغادرته إلى أحزاب أخرى.