تشهد الساحة السياسية التونسية تطورات مهمة ومتلاحقة قد تغيّر المشهد بشكل كبير، ويتوقّع مراقبون أن يكون "نداء تونس" عنوان المرحلة السياسية الجديدة بسبب إعادة خلط الأوراق مرة أخرى، اذ تشي المستجدات بتحولات كبيرة على صعيد الخارطة الحزبية بتحالفاتها المرتقبة استعدادا للانتخابات البلدية. انضم كل من وزير المالية رضا شلغوم وكاتب عام الحكومة الهادي الماكني إلى الحركة، كما التحق قبلهما وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين بالحزب. وأكد وزير الشؤون الثقافية عقب انضمامه الى الحركة، إن العمل السياسي لن يكون له أدنى تأثير على استقلالية العمل الثقافي بوزارته، مشيرا إلى أن العمل الثقافي يعلو على العمل السياسي. من جهته، قال الأمين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق إنه لو كان مكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد لأقال الوزراء الذين انضموا مؤخرا إلى حركة نداء تونس. وأوضح محسن مرزوق في تصريح صحفي، أن الوزراء الذين التحقوا بنداء تونس دخلوا حكومة الوحدة الوطنية على أساس أنهم مستقلين، لكنهم تحزبوا وأصبحوا يبحثون عن المحاصصة بدورهم. وكان النائب عن حركة نداء تونس محمد رمزي خميس قد أكد في تصريح سابق ل"الشاهد"، أن الحركة لم تناقش مسألة التحاق أحزاب افاق بها، وأن الموضوع لم يطرح لا من جانب نداء تونس ولا من جانب الوزراء المستقيلين، تعليقا على ما راج عن امكانية انضمام وزراء افاق بالحركة. واستبعد محدث "الشاهد" ذلك، لافتا الى أنه تقنيا لا يمكن، في علاقة بتوافق الحركة مع باقي شركائها في الحكومة، لأن ذلك سيرفع مستوى مشاركة الحزب في الحكومة، واعتبر أن هذا الأمر سيخلق إشكالا مع باقي الاحزاب المكونة لها. في المقابل، أكد القيادي في نداء تونس وسام السعيدي أنه من المنتظر ان ينظم عدد من الوزراء الى حركة نداء تونس على غرار رياض المؤخر وزير البيئة و الشؤون المحلية و اياد الدهماني الوزير المكلف بالعلاقات مع مجلس النواب ووزير املاك الدولة مبروك كورشيد. عموما، تعززت تمثيلية حزب حركة نداء تونس في حكومة يوسف الشاهد بالتحاق عدد من الوزراء لم يُحسم العدد بعد نظرا لأن عددا من الوزراء أعلنوا نيتهم الالتحاق بالحركة ضمن التركيبة المقترحة. ويرى مراقبون أن تمثيلية الحركة قد زادت بما لا يعكس تصورات الشاهد خلال مشوارته مع الاحزاب والمنظمات، حيث طالب النداء خلال المشاورات بتعزيز تمثيليته في الحكومة وهو ما تم فعلا، وهو ما سيحدث عدم توازن ولا تكافئ بين الاحزاب المشاركة في الحكومة، ويربك حسابات رئيس الحكومة وباقي الأحزاب. من جهة أخرى، تسعى الأحزاب التي انشقت عن حركة نداء تونس الى العودة الى حزبها الاصلي مستغلة في ذلك المستجدات السياسية على رأسها اعلان الحركة فك ارتباطها مع حركة النهضة، ويعمل النداء بالتزامن على احياء صورة 2014 لاقناع الناخبين. وتجتمع هذه المحاولات على إعادة التموضع من جديد في الساحة السياسية، واسترجاع الحزب لشعاراته التي تأسّس، إضافة إلى تقوية الحزب واستعادة الشخصيات التي كانت معه وغادرته إلى أحزاب أخرى. ويتوقع مراقبون أن يشهد الحزب موجة هجرة عكسية، بعد موجة الانشقاقات التي شهدها اثر انتخابات 2014 ، وإعادة تجميع الكانتونات الحزبية التي تفرّعت منه، والتي أعلنت أنها غادرته بسبب خلافاتها مع رئيس الحزب، حافظ قائد السبسي، واتهامه بمحاولة الهيمنة على "نداء تونس". هذا ويعيش الحزب تغييرات مهمة في هيكلته وربما يشهد تغيير في أسلوب القيادة في المرحلة المقبلة، مما يتيح الحدّ من سلطات حافظ من ناحية، ويعيد تشكيل الإدارة الجماعية ويمنح أدواراً واضحة للعائدين من الشخصيات الاعتبارية داخل الحزب. يشار إلى ان الحزب أعلن الاسبوع الماضي فكّ الارتباط مع حركة النهضة و التحوّل من مرحلة التوافق إلى مرحلة التنافس معها، ويرى مراقبون أن هذا القرار معدّ سلفاً لإعادة التموضع من جديد في الساحة السياسية، واسترجاع شعاراته التي تأسّس عليها وحاولت أحزاب أخرى "سرقتها منه"، إضافة إلى تقوية الحزب واستعادة الشخصيات التي كانت معه وغادرته إلى أحزاب أخرى. ويشير متابعون للشأن التونسي، أن الحركة منشغلة خلال هذه الفترة، بترميم نفسها، واستعادة أشلائها التي انشقت عنها، وكونت أحزاب معارضة لها، استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.