لم يكن الاتحاد العام التونسي للشغل مجرد نقابة مهنية تكتفي بالدفاع عن حقوق العمال، بل حمل في جيناته منذ تكوّنه سنة 1946 هموم السياسة و الوطن، ولعب دوراً وطنياً هاما خلال مرحلة الانتقال الديمقراطي التي تلت الثورة، كما كان له دور كبير في تكوين خيمة لكل الانتماءات الحزبية في وقت لم يكن هناك فضاء سياسيا في البلاد. وأمام ما تمر به تونس من أزمة اقتصادية واجتماعية، عقّدتها الأزمة السياسية، صعّد الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي خطاباته المنتقدة للسياسيين والاحزاب، ويبدو ان التصريحات السياسية في الصالونات الاعلامية التي اثارت انتقادات واسعة جاءت من بين اهم النقاط التي ركزت عليها المنظمة في رسالتها الى الفرقاء السياسيين، حيث أكد الطبوبي خلال اشرافه الأربعاء 7 فيفري 2018، على المؤتمر التاسع للاتحاد الجهوي للشغل بقبلي ‘ إن الاتحاد سيظل شوكة في حلق المندسين والمتطفلين على السياسة، كما ستظل يده ممدودة للحوار الجاد والبناء وليس للحوار العقيم'. وأشار إلى أن التفويت في القطاع العام خط أحمر لأنه المكسب الأول للشعب التونسي الذي استثمرت فيه دولة الاستقلال. وأضاف خلال المؤتمر والذي انتظم بدار الاتحاد بقبلي تحت شعار ‘الوفاء للشهداء والإخلاص للعمال والولاء لتونس والانتصار لفلسطين' بأنّ المنظمة الشغيلة لن تكون شاهد زور أمام الشعب التونسي في صورة تواصل الفشل الذريع في ادارة البلاد والخروج بها من الوضع الحرج الذي تمر به الآن بسبب عدم فقه بعض الأحزاب لمعنى تسيير الدولة المدنية واكتفائها برمي اللوم على المعارضة أو اتحاد الشغل، عوض تحقيق الأهداف التي انتُخبوا من أجلها. لهجة التصعيد في خطاب المركزية النقابية لم يكن بالسابقة الاولى في خطاب امينه العام نور الدين الطبوبي الذي كان قد اكد في اكثر من مناسبة اعلامية غضب الاتحاد، مبينا ان المنظمة الشغيلة ستقوم باجراءات تصعيدية يمكن أن تعيد توزيع الاوراق من جديد في المشهد السياسي. وكان الطبوبي قد دعا سابقا السياسيين إلى الكف عن تبادل الاتهامات في بلاتوهات التلفزات، بما يساهم في تمييع أبرز القضايا، مؤكدا أن الاتحاد لن يقبل أن يكون شاهد زور أمام ما أسماه المراهقة السياسية، وأنه سيواصل الاضطلاع بدوره كقوة اقتراح وبناء، بالاضافة الى دوره النضالي في الضغط الايجابي من اجل أن تستقيم الامور. وقد أكد الاتحاد في بيان في شهر ديسمبر الماضي أن الأزمة الخانقة التي تمرّ بها البلاد اليوم على المستوى السياسي والاجتماعي تنبّئ بانفجارات اجتماعية، معتبرا ان هذه الأزمة تستدعى منه مواصلة لعب دوره الوطني في إنقاذ تونس وفاء لما قدمه مناضلوه من تضحيات ومنهم بالخصوص الشهيد والزعيم الوطني فرحات حشاد. ويرى متابعون للشأن التونسي أن اتحاد الشغل أكثر انشغالا بما تمر به تونس من أزمة اقتصادية واجتماعية فضلا عن الاجتماعية، من الاحزاب وأكثر نضجا منها، ففي الوقت الذي تركز فيه هذه الاحزاب كافة جهودها واهتمامها في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة على اختلافها، وعلى التحضير للحملة الانتخابية المقبلة، يحضر الاتحاد لعقد منتدى إقتصاديا وإجتماعيا خلال النصف الثاني من شهر فيفري الحالي، على أن يتناول المنتدى 3 محاور أساسية تتعلق بالأزمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية. هذا وغلبت على مواقف المنظمة مؤخرا الرصانة في تعامله مع التحركات الاحتجاجية التي شهدتها تونس مطلع العام الحالي، حسب وصف محللين، حيث خيّر المصلحة الوطنية ومواجهة المسألة بتعقّل دون التوجه الى الشعبوية وتأجيج الشوارع وخلق الفوضى على غرار ما سارعت إليه ثلة من الأطراف السياسية التي تستغلّ الأوضاع الاجتماعية لخدمة مصالحها السياسية.