هدوء يلف المشهد السياسي والاجتماعي في تونس، خاصة بعد تجاوز حيف شهر جانفي، وتشهد الحياة الحزبية هذه الأيام، كسادا غير معهود قبل أسابيع من انطلاق الحملة الانتخابية، في وقت كان ينتظر أن تشهد الساحة حراكا كبيرا غير متوقف، على خلفية التنافس الكبير على الاستحقاق البلدي القادم. وساهمت هذه الأجواء التي بدت باهتة ورتيبة في ارتفاع منسوب القلق لدى المتابعين السياسيين، وتكثفت معها التساؤلات حول المآلات المُرتقبة، على ضوء الاحتمالات المتداولة بشأن عدم استعداد الأحزاب السياسية لهذا الاستحقاق الانتخابي. ويحذر مراقبون من هذا المناخ الذي يسبق الاستحقاق الانتخابي، ويرون أنه يُعمق حالة العزوف عن المشاركة في الانتخابات فضلا عن لامبالاة الأحزاب وانعدام ثقة المواطن في الأحزاب والنخب السياسية، بالإضافة إلى حالة اليأس والإحباط السائدة حاليا، من شأنها مضاعفة العزوف الذي يُرجح أن يكون لافتا خلال الانتخابات المُرتقبة". وفي ما يتعلق بالوضع الاجتماعي، فإن حالة توتر كبير مازالت تسود وفق تقرير للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كما يستمر هذا التوتر خلال شهر فيفري من خلال احتجاجات قطاعية واخرى عفوية وانية عى غرار ما عرفته جهة تالة من ولاية القصرين اثر حادثة وفاة تلميذتين بسب حريق بمبيت اعدادية 25 جويلية وشن اضراب عام ومسيرات في كامل الولاية ، واحتجاج اعوان البريد ، واستعداد الاساتذة للاحتجاج الوطني يوم 15 فيفري، والشلل الذي طال قطاع الفسفاط. ويؤكد مراقبون أن أسباب الغضب قائمة مازالت قائمة خلف الهدوء النسبي مما يوحي بان الهدوء ليس سوى فترة استراحة تسبق العاصفة التي تلوح في الافق، ما يظطر الحكومة والأحزاب المقبلة على الانتخابات، لتلقف هذه المؤشرات بهدف تجنب موجة جديدة من الاحتجاجات قد تكون اعنف من سابقتها. ودعا المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، مجلس النواب، الي امهال الحكومة فترة زمنية مضبوطة لتحديد اولياتها في مجال المفاوضات والاهداف التي ترنو تونس الى تحقيقها من خلال اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الاوروبي المعروف اختصارا بالاليكا. وبين المنتدي، في بيان نشره الثلاثاء 13 فيفري 2018، أن تونس في ظل ضعف المفاوضات جنوب المتوسط (دول شمال افريقيا) وفي خضم تقديم نفسها على انها الدولة العربية الوحيدة التي تمر بمرحلة من الديمقراطية الناشئة لا يمكنها الالتزام بهذه المفاوضات دون مهلة زمنية برلمانية. واشار الى انه في اطار هذه المهلة الزمنية يتعين وضع خارطة طريق قائمة على اهداف وعلى فريق التفاوض الحكومي التوصل الى تحقيقها علما وان هذه النتائج توصلت اليها لجنة المتابعة صلب المنتدي خلال اجتماع الاسبوع الماضي. وخلصت اللجنة الى ان الوضع القائم حاليا على المستويين الوطني والدولي غير ملائم لخوض غمار مفاوضات حول اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الاوروبي خاصة وان الاقتصاد الوطني لايزال هشا والوضع الاجتماعي على شفير الانفجار في حين تواجه السياسات الدولية الداعية الى الانفتاح انتقادات واسعة دفعت بعدد من دول الى اتباع سياسيات حمائية. وبين المنتدى ان اتفاق الاليكا بدأ تنفيذه في الواقع من خلال قانون الاستثمار ومفاوضات فتح الاجواء وتحرير بعض القطاعات الخدماتية في المجالين المالي والتربوي. وانتقد المنتدى طريقة تقييم اتفاق الشراكة بين تونس والاتحاد الاوروبي الذي يعود الى سنة 1995 والذي يجري بتوصية من البنك الدولي الذي يدفع في اتجاه التبادل الحر. ورغم ان الوضع العام في البلاد لم يعد يسمح بإهدار الوقت لتحقيق الإصلاحات المنتظرة والاستقرار، و يتطلب مزيدا من التوافق للانتقال بالبلاد من حالة الارتباك والفوضى والغموض الى مرحلة الاستقرار الاجتماعي والنمو الاقتصادي المنتظر، إلا أن الفاعلين السياسيين والأطراف الحكومية فضلا عن الاطراف الاجتماعية لم يلتقوا بعد حول خارطة طريق واضحة تخرج البلاد من هذا التأزم الذي طال.