مازالت أزمة فسفاط قفصة المتواصلة للاسبوع الرابع على التوالي، تلقي بظلالها على الاقتصاد التونسي عموما، خاصة أن الاحتجاجات والاعتصامات التي تطوق مراكز انتاج الفسفاط في ولاية قفصة بدأت تتخذ منحًى تصاعديّا وباتت تنذر بوضع "خطر" سيما وأن هذه التحركات تكبّد تونس خسارة فادحة باعتبار أن الفسفاط يعدّ أحد أهمّ الأعمدة التي يرتكز عليها الإقتصاد التونسي. وقد دق المجلس القطاعي للمناجمو أعوان واطارات المقرّ الاجتماعي لشركة فسفاط قفصة ومكاتب تونس ومركز الشحن بصفاقس ناقوس الخطر، داعيا إلى إنهاء المقاطعة والعودة إلى العمل العادي مساهمة في ايجاد حلول لأزمة الشركة. وعبر المجلس عن رفضه الإعتصامات المتسببة في توقف الإنتاج والتي تهدد الشركة بالإنهيار وفقدان أبناء الجهة لقطب إقتصادي ّشغل ويشغل الأجيال المتعاقبة، مؤكدا مساندته لكل إحتجاج سلمي لايلحق ضررا بالممتلكات العامة والخاصة. وحمّل في بيان صادر عنه الاربعاء 14 فيفري 2018 الحكومة مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع بالحوض المنجمي مطالبا اياها بعقد جلسة مع الهياكل النقابية المركزية والجهوية والقطاعية لتدارس الوضع التنموي بالجهة وايجاد الحلول الملائمة وبتنويع النسيج الاقتصادي لتخفيف العبء عن شركة فسفاط قفصة في توفير مواطن الشغل. وطلب المجلس من شركة فسفاط قفصة نشر القائمة الاسمية لنتائج المناظرة مصحوبة بالمقاييس المتّبعة ومجموع النقاط وكيفية احتسابه بما يدعم الشفافية والنزاهة. من جهته، كشف الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة والمجمع الكميائي رمضان سويد، أن حجم الأرباح التي فوتتها تونس في قطاع الفسفاط منذ سنة 2010 تناهز 5 الاف مليون دينار. وأوضح في تصريح لوكالة تونس افريقيا للانباء ان انتاج الفسفاط تراجع بحوالي 60 بالمئة اذ بلغ سنة 2015 نحو 3.2 مليون طن وانخفض التحويل إلى 2.5 مليون طن ونقل الفسفاط من 7.3 مليون طن خلال 2010 إلى 2.3 مليون سنة 2015. ويقول المحتجون إن عملية التوظيف التي شملت 1700 عامل، وأُعلن عنها منذ أسبوع، شابتها محسوبية، وهو ما تنفيه السلطات المحلية. وكانت النقابة الأساسية لإطارات المجمع الكيميائي التونسيبقابس قد دعت في بيان أصدرته الاسبوع الماضي، الحكومة إلى تأمين إنتاج ونقل الفسفاط إلى معامل جهة قابس مع اتخاذ قرارات حازمة لإنقاذ القطاع بصفة عامة والمجمع الكيميائي بصفة خاصة. و اعتبرت النقابة ان ما آلت إليه الاوضاع في المنطقة يعود الى سياسة الحكومة والأطراف السياسية المتداخلة داعية اياها الى النأي بالمجمع عن التجاذبات التي أدت إلى خسارة ركن أساسي في الاقتصاد الوطني. و أكدت النقابة على أنها تساند نضالات العاملين بشركة فسفاط قفصة في سبيل إنقاذ شركتهم. كما أكد المدير الجهوي لمعامل المجمع الكيميائي التونسيبقابس توفيق الجمل في تصريح لقناة نسمة ان الانتاج توقف كليا بهذه المعامل منذ يومين بسبب نفاذ مخزون الفسفاط على خلفية الاعتصام الذي يتم تنفيذه بمناطق الحوض المنجمي. و أضاف نفس المصدر أن معامل المجمع تتكبد يوميا خسائر على مستوى العملة الصعبة التي يوفرها هذا القطاع و كذلك عدم القدرة على توفير حاجيات المعامل المنتصبة بالمنطقة الصناعية بقابس و خصوصا مادة الحامض الفسفوري و ايضا حاجيات البلاد من الاسمدة. ولاحظ ان نشاط المؤسسة تراجع بشكل ملحوظ بسبب عدم تزويده بحاجياته من مادة الفسفاط. هذا ولم تحقق شركة فسفاط قفصة منذ بداية العام الجاري وإلى غاية 20 جانفي المنقضي سوى إنتاج حجمه 160 ألف طنّ مقابل إنتاج بلغ 500 ألف طنّ في نفس الفترة من سنة 2017، وفق ما ذكره المكلّف بالاعلام صلب الشركة علي الهوشاتي. ويرجع هذا التدهور في الانتاج المسجّل منذ بداية العام إلى الشّلل والتعطيل لأنشطة منشآت قطاع الفسفاط بمعتمديات المتلوي والرديف والمظيلة وام العرائس بعد أن اندلعت بهذه المناطق احتجاجات واسعة، مباشرة إثر الاعلان يوم 20 جانفي الماضي عن القسط الرابع من نتائج مناظرة انتداب أعوان تنفيذ للعمل بشركة فسفاط قفصة . و صعد المعتصمون في ولاية قفصة من تحركاتهم الاحتجاجية التي تسببت في توقف عمليات الإنتاج في المدن الأربع بالحوض المنجمي: أم العرائس والمظيلة والرديف والمتلوي. وتعاني الشركة وهي المشغّل الرئيسي لعقود طويلة بالجهة، منذ بداية 2011 من تدهور في حجم إنتاج الفسفاط التجاري بسبب إعتصامات طالبي الشغل إذ لم يتجاوز إنتاج الفسفاط مستوى 40 بالمائة من إنتاج سنة 2010، كما لم يتعدّى معدّل إنتاجها السنوي في السنوات السبع الاخيرة 5 ملايين طنّ مقابل أكثر من 8 ملايين طن في عام 2010، حسب بيانات لشركة فسفاط قفصة. وتراجع تبعا لذلك الترتيب العالمي لهذه المؤسسة من المرتبة الخامسة سنة 2010 إلى المرتبة التاسعة سنة 2014.