أثبتت اليات التشغيل الهشة على اختلاف تسمياتها قصورها في معالجة معظلة البطالة واُعتبرت كونها حلول وقتية لم تتعدى كونها سياسة مجاراة للواقع الاجتماعي دون دراسة معمّقة، للقطع نهائيا مع الظاهرة، التي مازالت تعد أكبر تحديات الحكومات المتعاقبة . وبقطع النظر عن جدوى هذه الاليات فإنه ورغم الحوافز المالية التي رصدتها الحكومة لفائدة مؤسسات القطاع الخاص لتشجيعها على توظيف الشباب، لم تراوح معدلات البطالة مكانها، بل ارتفعت، فيما يؤكد أغلب المهتمين بموضوع التشغيل في تونس على غرار اتحاد المعطلين عن العمل مؤسسات القطاع الخاص تستفيد من الحوافز المالية والضريبية التي تمنحها الحكومة من أجل التشجيع على الانتداب ليتم طرد العامل بمجرد انتهاء التمتع بالحوافز". في هذا السياق، اعتبر النائب غازي الشواشي أن آليات التشغيل بتعددها تمثل اهدارا للمال العام خصوصا في ظل عدم التوصل إلى وضع برمجة ناجعة وكفيلة باحداث مواطن شغل، مشيرا، في هذا الخصوص، إلى برنامج فرصتي الذي قال إنه " استنزف أكثر من 80 مليون دينار لتشغيل 57 شخصا فقط"، وكذلك برنامج الخدمة المدنية التطوعية التي ينتظر المنتفعون بها تسوية وضعيتهم. ولاحظ النائب زهير الرجبي أن هنالك العديد من آليات التشغيل ولكن الشباب الطموح لا يعلم كيف يستغلّها، مبرزا أهمية شروط القرض الميسّر (مبادرون)، وداعيا إلى توضيح كيفية التصرف في الإعتمادات التي لم يقع تبويبها ومدة الإنجاز. وطالب النائب عماد أولاد جبريل وزارة التشغيل والتكوين المهني بتقديم برامج تشغيل مدروسة لاستيعاب خريجي التعليم العالي والاستفادة منهم للتصدي لهجرة العقول. وأشارت النائب ابتهال بن هلال، من جانبها، إلى حياد مركز التكوين المستمرّ عن أهدافه الأساسية التي تتمثّل في إنجاح عملية التكوين، ومعاناته من العديد من التعطيلات الإدارية، مطالبة بالترفيع من الجودة ومسايرة التجارب المعمول بها في البلدان المتقدمة في علاقة بالمؤسسات الإقتصادية. وتطرقت إلى النقائص العديدة التي تشكو منها مراكز التكوين العمومية، داعية إلى إعادة النظر في هيكلتها بما يتماشى مع سوق الشغل، وهو ما أكدته بدورها النائب لطيفة الحباشي التي دعت إلى ملاءمة سوق الشغل مع الاختصاصات الموجودة والتعريف بمراكز التكوين لكي تقوم بدورها في الغرض. واعتبر النائب ياسين العياري أن التصريح الذي أدلى به وزير التشغيل فوزي عبد الرحمان على قناة " دولتشي فيليه " الألمانية الذي يقول فيه " أن التونسيين ما يحبوش يخدموا" "خطير وغير مسؤول"، على اعتباره يمس من صورة التونسي بشكل عام وخاصة 100 ألف تونسي مقيم في ألمانيا، متسائلا من ناحية أخرى، عن مصير برنامج الخدمة المدنية التطوعية. وتساءل كل من النائبان هيكل بلقاسم وفريدة العبيدي على التوالي عن القطيعة بين هياكل الوكالة الوطنية للتشغيل والإدارات الجهوية التابعة للوزارة وموعد تفعيل وزارة التشغيل والتكوين المهني للقانون القاضي بانتداب 2% من ذوي الإعاقة في الوظيفة العمومية. وكان معهد الإحصاء قد أفاد بأن نسبة البطالة خلال الثلاثي الثالث من العام الجاري قُدرت ب15.3 بالمئة، وأن عدد العاطلين عن العمل في الثلاثي الثالث بلغ 628.6 ألفا مقابل 626.1 ألف عاطل عن العمل خلال الثلاثي الثاني من العام الحالي. ووفق الإحصائيات، فإن عدد العاطلين عن العمل من خريجي الجامعات بلغ حوالي 270.6 ألفا في الثلاثية الثالثة لسنة 2017 مقابل 250.6 ألفا في الثلاثية الثانية من نفس السنة. ياتي ذلك بعد أن كان عدد العاطلين عن العمل 600 الف عاطلا سنة 2015، حسب نفس المصدر. ورغم الاجماع على قصور هذه الاليات، فإن وزير التكوين المهني والتشغيل فوزي عبد الرحمان قد اعلن في أكتوبر المنقضي ، انه سيتم خلال آخر السنة الجارية بعث آلية جديدة للتشغيل لفائدة اصحاب الشهادات العليا مع مواصلة العمل بآلية عقد الكرامة وتسهيل التعطيلات الادارية في شانه، مؤكدا السعي إلى تبسيط الاجراءات المتعلقة بمختلف آليات التشغيل لتقريبها من العموم.