ترسانة من الملفات الحارقة تطوق عنق المركزية النقابية و كل ملف يجذبها من جهة لتجد نفسها في أكثر من مناسبة عالقة في عنق الزجاجة ، في الوقت الذي توجه إليها عديد الانتقادات حول انحيازها في بعض الآونة عن دورها النقابي و خلطها كلا من النقابي والسياسي في إناء واحد من جهة ، و عن عدم انسجام قراراتها بتطلعات منظوريها من جهة أخرى .. و لعل تشعب عديد المسائل التي يضطلع بها الإتحاد العام التونسي للشغل على غرار ملف الترفيع في الأجور و مسألة الانتدابات و ازمة الصناديق الاجتماعية و غيرها من الملفات الحارقة ، فضلا عن تواصل الجدل صلب المنظمة النقابية الاكبر في البلاد حول عدم رضا نسبة لا يستهان بها من قواعدها عن التركيبة الادارية الجديدة للمنظمة التي يطغى عليها الصراع الاديولوجي قبل الصراع حول الخطوط العامة لمسار عملها كمنظمة نقابية . كما تصب اغلب المؤاخذات حول نشاط الاتحاد في كونه أضحى يستغل جماهيره الواسعة كورقة ضغط سياسي ليصبح في حد ذاته كيانا يمثل "دولة داخل الدولة" . و يرى مراقبون أن هناك خللا عميقا يكمن في ديمقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل واستقلاليته وفاعليته كأكبر منظمة نقابية في البلاد ، مؤكدين على ضرورة تطويره تنظيماً وأداء، كي يتمكن من لعب دور المدافع عن حقوق العمال والموظفين في ظل شروط اجتماعية-اقتصادية صعبة، فرضتها عولمة الاقتصاد والظروف الخاصة للبلد بعد الأزمة السياسية بعد الثورة . وقد استنكرت أحزاب المعارضة الدور المتصاعد للمركزية النقابية، في إدارة شؤون البلاد، الذي تجاوز دوره النقابي في الدفاع عن منظوريه من العمال إلى التدخل بقوة في الشأن السياسي. وفي هذا الإطار، انتقد رئيس حزب الحركة الديمقراطية أحمد نجيب الشابي الدور الذي يلعبه الاتحاد العام التونسي للشغل مستنكرا تمسّكه بالتدخل في الشأن السياسي، مصرحا "كل المؤسسات لها وظيفة خاصة بها في إطار الديمقراطية، ووظيفة النقابات الدفاع عن مصالح منظوريها الاجتماعية". و اعتبر الشابي، في تصريح لصحيفة العرب اللندنية، أن "التداخل بين الوظائف الاجتماعية والسياسية لا يخدم الديمقراطية وغير محبذ". ورأى أنه "على المنظمة ألاّ تتدخل في الحياة السياسية كإقالة أو تعيين وزراء فهذا من مهام رئيس الحكومة والبرلمان والأحزاب". وقال الشابي "إن اتحاد الشغل هو جزء من الوطن وتعنيه القضايا الكبرى كالاستقلال والحرية، غير أن الحياة السياسية تقوم على الأحزاب التي تنوب الشعب عبر صناديق الاقتراع′′. وأوضح أن موقفه "يأتي في إطار رغبته في أن لا تتداخل الوظائف حماية للديمقراطية"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن ممارسة السياسة من خارج الإنابة التي يسندها الشعب". وتابع الشابي "أحترم وأجلّ الدور التاريخي لإتحاد الشغل لكن أرفض التداخل في الوظائف". في المقابل ، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري ان اتحاد الشغل لعب "دورا تاريخيا منذ فترة الاستعمار إلى مرحلة بناء الوطن بعد الاستقلال وحتى اليوم" . وقال ،في سياق متصل، ان اتحاد الشغل ليس حزبا سياسيا حتى تسارع الاحزاب السياسية الى الركوب عليه من أجل تحقيق مكاسب انتخابية مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية. . وأضاف الطاهري ، في تصريح للعرب، "نحن ناخبون وفاعلون ولنا مشروعية التدخل في الشأن السياسي على غرار دورنا النقابي". وتابع "من حق الاتحاد أن يتدخل في السياسة فهو حق تاريخي وليس بدعة، نحن فاعلون والدستور لا يمنعنا". وفي خضم هذا الشأن، لفت المحلل السياسي فريد العليبي إلى أن "علاقة النقابي بالسياسي قوية في اتحاد الشغل منذ زمن طويل منذ تأسيس الاتحاد" لافتا أنه "خلال كل المنعطفات المختلفة التي عاشتها البلاد برز اتحاد الشغل كقوة معارضة سياسية لا كنقابة فقط". و أشار ، في هذا الصدد، إلى أنه "بدا واضحا في مناسبات مختلفة أن الشاهد يصغي لقيادات اتحاد الشغل ويعمل على إرضائها وصولا إلى إقالة وزراء وتعيين آخرين بما يتفق ورغبة تلك القيادة".