لطالما طوّقت هيئةَ الحقيقة والكرامة منذ بعثها عديد الانتقادات وحامت حولها شبهات فساد مالي سواء ارتبطت بالهيئة أو برئيستها سهام بن سدرين التي ما انفكّت تتوجه إليها عديد المؤاخذات من قبيل "المتفردة بالقرار" و "الدكتاتورة في تسيير شؤون الهيئة" .. ومنذ المصادقة على ميزانية الهيئة لسنة 2018 والتي تم اعتبارها على أساس أن الهيئة الوقتية ستستوفي مهامها في منتصف العام الجاري الأمر الذي خلق عدي التساؤلات سيما وأن الكثير من عمل الهيئة لا يزال معلّقا. وما انفكّ موضوع استكمال مسار العدالة الانتقالية في علاقة بتمديد آجال مهام هيئة الحقيقة والكرامة يشغل مجلس نواب الشعب منذ مناقشة ميزانيتها، وهو ما مثّل موضوع سلسلة من جلسات الإستماع التي عقدتها اللجنة الخاصة لشهداء الثورة وجرحاها وتنفيذ قانون العفو العام والعدالة الإنتقالية بحثت خلالها عديد المسائل المتعلقة بالهيئة . وفي خضم هذا الشأن، أكدت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين الجمعة انّ مجلس الهيئة قد توصّل خلال اجتماعه امس الخميس إلى أنّ قرار التمديد من عدمه من الصلاحيات المطلقة للهيئة وحدّد تاريخ 26 فيفري الجاري موعدا للبت في هذا القرار . وأوضحت بن سدرين في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء أن مجلس الهيئة قرّر البت نهائيا في قرار التمديد وكيفيته وتعليله في جلسة 26 فيفري الجاري مبيّنة أنّ المجلس تداول في جميع الجوانب المتعلّقة بالتمديد وأخذ رأيا إستشاريا حول كيفية فهم الفصل 18 والجهة التي يخول لها قرار ّ التمديد ،اي الهيئة أو الجهة التشريعية الممثلة في البرلمان واستقرّ الرأي على أنّ الصلاحية في هذا الصدد تعود الى مجلس الهيئة الذي سيقوم برفع الاعلام للبرلمان معللا بالنظر الى وجود تبعات مالية ومدّة إضافية. وقالت إنّ رفع القرار إلى البرلمان معللا وإعلامه يهدف إلى تمكين مجلس النواب للتهيّء وتشكيل لجنة للنظر في توصيات الهيئة من جهة وأخذ الإحتياطات والتدابير اللازمة من جهة أخرى. ولفتت الى أنّ الهيئة على ذمّة البرلمان إذا ما تمت دعوتها لتوضيح سير أعمالها مؤكدة على ضرورة عقد جلسة مشتركة للنظر في مسألة التمديد وأثاره واستعدادات المجلس لما بعد استكمال الهيئة لأعمالها. وينصّ الفصل 18 من قانون العدالة الإنتقالية لسنة 2013 على تحديد مدة عمل الهيئة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضائها قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها. على صعيد آخر أكّدت سهام بن سدرين أنّ الهيئة ستنطلق في إحالة الملفات على الدوائر القضائية بداية شهر مارس المقبل موضّحة ان المشرّع في هذا الغرض اشترط إرساء الدوائر وتسمية القضاة وتكوينهم في موضوع العدالة الانتقالية . وفي هذا الجانب أوضحت أنّ هيئة الحقيقة والكرامة شرعت اليوم في تنظيم دورة تكوينية مع القضاة ووكلاء الدوائر تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل وبمشاركة عمادة المحامين والمفوّضية السامة لحقوق الإنسان والبرنامج الإنمائي للامم المتحدة . وكان نائب رئيس هيئة الحقيقة والكرامة محمد بن سالم قد أكّد سابقا أنّ الملفات التي سيتم إحالتها الى الدوائر القضائية المتخصّصة ستتضمّن الانتهاكات الأكثر جسامة وفظاعة لحقوق الانسان أو التي كانت لها طبيعة ممنهجة ومنظّمة ،وذلك طبقا للفصل الثامن من قانون العدالة الانتقالية معلنا أنه في ال 16 من فيفري الجاري ستنطلق الهيئة في دورة جديدة لتدريب ما تبقى من قضاة ووكلاء في هذه الدوائر في موضوع العدالة الانتقالية . وأوضح أن قانون العدالة الانتقالية أوكل للهيئة مهمّة الطور التحقيقي وطور دائرة الاتهام بحيث يصدر مجلس الهيئة بعد ختم أبحاثه لائحة اتهام تحال على الدوائر القضائية المتخصّصة باعتبارها طور حكمي لإصدار الأحكام. وينصّ دليل إجراءات لجنة البحث والتقصّي بالهيئة على توفّرها على وحدة تحقيق ومكاتب تحقيق يرأسها قضاة. وحول متابعة القضايا المحالة الى هذه الدوائر القضائية المتخصّصة، أكّد بن سالم أهمية إيجاد مؤسّسة ترث أرشيف الهيئة تقوم بمتابعة القضايا بالاطلاع على مراحل إجراءاتها لدى المحاكم أو بتوفير المعلومة الأرشيفية المطلوبة من هذه الدوائر القضائية. يذكر أن هيئة الحقيقة والكرامة هي هيئة مستقلة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري تم إحداثها في بموجب القانون الأساسي عدد 53 لسنة 2013 والمتعلق بإرساء العدالة الانتقالية وتنظيمها. وقد انطلقت الهيئة في أشغالها في ديسمبر 2014 وحسب القانون تستكمل آجال عملها في ماي 2018.