لا تنفي الحكومة التونسية عزمها على مراجعة منظومة الدعم خاصة في ظل ما تشهده الميزانية العمومية من ضغوطات من جهة ومحاولة تصويب سياسة الدعم لمستحقيه من جهة ثانية. و باتت سياسة الدعم في تونس تثقل كاهل الدولة لاسيما وأن تكاليف قيمته تضاعف بقرابة مرتين ونصف منذ سنة 2010 إلى السنة الحالية حيث ارتفعت قيمة دعم المواد الأساسية من 730 مليون دينار إلى 1605 مليون دينار قبل أن يتم تحيين المبلغ المرصود في قانون المالية التكميلي إلى 1500 مليون دينار وعلاوة على الثقل المادي فإن العبء يتضاعف إذ أن 88 % من قيمة الدعم يستفيد منها غير الفئات الهشة والضعيفة . و كشف الوزير المكلف بمتابعة الاصلاحات الكبرى، توفيق الراجحي، عن أن نسبة تقدر ب 25 بالمائة من مجموع نفقات الدعم في المواد الأساسية تخصص لغير مستحقيها، وذلك خلال جلسة استماع عقدتها يوم الأربعاء، لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية بمجلس نواب الشعب. وقال الراجحي، إن النزل والمقاهي تستهلك نسبة هامة من نفقات الدعم المخصص للمواد الأساسية، مقابل استهلاك طبقة الأغنياء لنسبة تقدر ب 20 بالمائة من نفقات دعم المحروقات، وفق ما أظهرته دراسات أجراها البنك الدولي. وأكد الوزير تمسك الحكومة بالخيارات الاجتماعية رغم الصعوبات في توفير المداخيل الجبائية لتمويل مشاريعها الاجتماعية، مشيرا، الى ان يتم رصد نسبة تقدر ب 10 بالمائة من اعتمادات الميزانية للبرامج والمساعدات الاجتماعية. وأضاف قائلا إن التموقع الطبقي للحكومة يوصف بكونه اجتماعي وليس ليبرالي، مؤكدا أن الرؤية الاجتماعية حاضرة بقوة في برامج الحكومة لكن تطبيقها يصطدم أحيانا كثيرة باشكالية الاعتمادات المالية. وأفاد بأن الحكومة تنظر في تشكيل لجنة لمراجعة القروض السكنية بالتعاون مع البنك المركزي والبنوك الأخرى، مشددا، على أنه سيتم اسناد حوالي 762 مسكنا اجتماعيا لمستحقيها قبل نهاية ماي 2018، منها 390 بولاية تونس. هذا وجاء في تقرير لدائرة المحاسبات قدمته يوم الإثنين 19 فيفري 2018 ، وجود 5320 منتفعا سنة 2015 بمنحة تحسين مسكن من بينهم 27 فقط مسجلين كعائلات معوزة ، بما يعني انتفاع 5293 عائلة بمنح دون وجه حق. وتمثلت الاخلالات التي رصدتها دائرة المحاسبات في تقريرها بالأساس في إجراءات ترتقي إلى مستوى الفساد وسوء التصرف في المال العام على غرار سحب صكوك أكثر من مرة وعدم وضوح مسؤولية كل متدخل وكل صاحب مشروع وفق ما أوردته "الشروق و في تعقيبه على هذا الموضوع ، أكد وزير التجهيز والإسكان محمد صالح العرفاوي يوم الاربعاء 21 فيفري انه سيتم اتخاذ الإجراءات اللازمة إذا ثبت وجود اخلالات في ملفات إسناد منح تحسين السكن للعائلات المعوزة. ونقلت اذاعة شمس عن العرفاوي تأكيده أن الوزارة في تواصل دائم مع دائرة المحاسبات ومع الهياكل الرقابية. ورغم تعهد الوزير بالتدخل في فضيحة انتفاع الاف العائلات بمنحة يفترض ان توجه لمستحقيها ، فان هناك مخاوف من قبر هذا الملف تماما كما يحدث عند تداول فضيحة فساد او سوء تصرف بمختلف مؤسسات الحكم.