بضعة أشهر فقط وينتهي العمر القانوني لهيئة الحقيقة والكرامة التي تم تنصيبها منذ 9 جوان 2014 ..ولكن الفصل 18 من القانون الأساسي عدد 53 المؤرخ في 24 ديسمبر 2013 المتعلق بالعدالة الانتقالية أسعفها بإمكانية التجديد بسنة وحيدة و في الوقت الذي يرى فيه مراقبون أنّ هذا التمديد سيكلف الدولة قرابة 20 مليارا ، تُؤكد سهام بن سدرين رئيسة الهيئة ان التمديد ضروريّ للهيئة نظرا إلى عدم استكمال جلسات الاستماع ودون الاستجابة لانتظارات الضحايا. و أوضح الخبي أمين الغالي أنّ"مسار العدالة الانتقالية لا يُختزل في هيئة الحقيقة والكرامة"، بمعنى أنّ هذا المسار الواسع لن ينتهي بانتهاء مهام الهيئة، مشيرا إلى أنّ "جنوب إفريقيا مثلا تعمل منذ 21 سنة إلى اليوم على هذا المسار منذ انتهاء مدة عمل الهيئة التي عملت لمدة سنة ونصف فقط". وشدّد في هذا المضمار على أنّ "الفصل 18 من القانون المتعلّق بالعدالة الانتقالية حدّد مدة زمنية للهيئة واسعة جدا وهي أربع سنوات، رغم أن مدّة الهيئة في بلدان أخرى لا تتجاوز السنتين"، متسائلا: "هل أنّ إضافة سنة خامسة سيمكّن الهيئة من التقدّم في دراسة الملفات وإنجاز المهام مع المشاكل الداخلية من الشغورات والقضايا المرفوعة ضدّها، إضافة إلى عدم تجاوب الجهاز التنفيذي مع الهيئة؟". والأكثر من ذلك أنّ رئيس مركز الكواكبي أبرز أنّه "حسب القانون المتعلّق بمكافحة الفساد فإنّ عدم الامتثال للقرارات القضائية يعتبر شكلا من أشكال الفساد". و أكدت جريدة المغرب الالكترونية في مقال نشرته يوم الثلاثاء الماضي أنه بالعودة إلى مسيرة هذا الهيكل منذ بداياته نجد، خلافات داخلية، استقالات، إقالات، تراشق بالبيانات بين رئيسة الهيئة وأربعة من أعضائها، صلح مفاجئ لا نعلم أسراره إلى اليوم، من جهة أخرى آلاف الملفات في الرفوف على رأسها ملفات لجنة التحكيم والمصالحة، فإلى الآن لم تتوصل إلى الحسم في ملفي الصلح مع سليم شيبوب وعماد الطرابلسي والسبب خلاف وشبه قطيعة مع المكلّف العام بنزاعات الدولة، دون أن ننسى آلاف الضحايا الذين ينتظرون جبر أضرارهم وردّ الاعتبار لهم، كلّ هذا لم ينجز منه شيء وحتى ما يقال أنه أنجز يعتبر نقطة من بحر وبالتالي هنا يطرح السؤال ما لم يتحقّق في أربع سنوات فهل ستحقّقه هيئة الحقيقة والكرامة في سنة فقط؟ هل تملك عصا سحرية لتحقيق أحلام التونسيين عامة وآلاف الضحايا بصفة خاصة؟. في المقابل اعتبرت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين،أن الهيئة تتعرض إلى حملة لضرب مصداقيتها وتشكيك في قرارتها ومشروعية أعمالها مشيرة أن معدل المقالات المُضَلِّلَة والمتعلقة بالهيئة تقارب 40 مقالا شهريا وترتفع إلى 95 مقالا كلما تم عرض جلسة استماع علنية. وأضافت، على هامش عرض نتائج الاستشارة الوطنية بخصوص البرنامج الشامل لجبر ضرر ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بمقر الهيئة ، أن هناك لوبيات تعمل ضد العدالة الإنتقالية وهي تقوم حاليا باستهداف الضحايا وتعمل على تقسيمهم وتأليبهم ضد الهيئة داعية ضحايا الإنتهاكات إلى الإنتباه إلى هذه المساعي وعدم السقوط فيها . وأكدت بن سدرين أن أعمال الهيئة ستستمر مثلما هو منصوص عليه بقانون العدالة الإنتقالية وأنها ستعمل على تنفيذ عهدتها المتمثلة في كشف الحقيقة واصلاح المؤسسات واعداد برنامج جبر الضرر حتى لا تتكرر الانتهاكات مهما كان حجم حملات التضليل ودرجة العدوان على مسار العدالة الإنتقالية وفق تعبيرها . وذكّرت رئيسة الهيئة بأن مجلس الهيئة قد توصّل خلال اجتماعه في 15 فيفري الجاري إلى أنّ قرار التمديد او عدمه هو من الصلاحيات المطلقة للهيئة وحدّد تاريخ 26 فيفري الجاري موعدا للبت في هذا القرار. في المقابل ، يرى مراقبون ان التمديد بسنة إضافيّة في عمل الهيئة يعني صرف ما قد لا يقلّ عن 17 مليارا إضافية وربّما يبلغ أو يتجاوز 20 مليارا، وذلك بالنظر إلى التطوّر التدريجي لميزانيّة الهيئة واستجابة الحكومة لها وينصّ الفصل 18 من قانون العدالة الإنتقالية لسنة 2013 على تحديد مدة عمل الهيئة بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضائها قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها.