" التفويت في المؤسسات العمومية خطّ أحمر " بهذه الجملة عادة يختم الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي تصريحاته و تدخلاته ، موقف أراد به الرجل الأول في منظمة الشغالين أن يصيب عصفورين بحجر واحد، طمأنة النقابيين وتحذير الحكومة من الذهاب بعيدا في برنامج خوصصة المؤسسات العمومية. في المقابل ، أفاد وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان مهدي بن غربية ، الإثنين 26 فيفري 2018، إنه إذا اقتضى الأمر التفويت في أيّة مؤسسة عمومية فلن تتراجع الحكومة عن ذلك. وأشار مهدي بن غربية في تصريح لإذاعة "شمس أف أم" إلى أنّه إذا حصل التفويت فسيكون في كنف الشفافية وبتشريك كل الأطراف، مضيفا بأنّه لا توجد اليوم مؤسسة معيّنة سيتمّ التفويت فيها. وفي نفس السياق تابع بن غربية قائلا بأنّ رئاسة الحكومة تناقش مع الشركاء الإجتماعيين مسألة تشغيل مؤسسات عمومية لطاقات بشرية أكثر من حاجياتها. وأفادت تقارير حكومية أن نسبة عجز المؤسسات العمومية التونسية خلال الثلاث سنوات الماضية بلغت ما يقارب 3 آلاف مليون دينار جراء ما تعرضت له من صعوبات تعود بالأساس إلى النقص على مستوى الحوكمة، وفق ما توصلت إليه الدراسات المختصة. واعتبر بن غربية أنه من غير المعقول فرض ضرائب على المواطن التونسي من أجل ضمان استمرارية وديمومة شركات تشغّل أكثر من طاقتها. و يرجع رفض الاتحاد مبدأ التفويت في المؤسسات العمومية الى كون هذه المؤسسات قادرة على استرداد عافيتها و قدرتها التنافسية اذا تدخلت الدولة في اعادة هيكلتها و من بين أسباب الرفض كذلك يكمن في ان غلق هذه المؤسسات يعني تسريح الأعوان و الإطارات العاملة بها . و قد شهدت أغلب هذه المؤسسات وقفات احتجاجية لأعوانها لرفض خوصصتها على غرار الشركة التونسية للكهرباء و الغاز " الستاغ " . و بلغت هذه المؤسسات درجة من العجز الفادح جعلها غير قادرة على تحمّل أعبائها المالية والبشرية بما يضطرّ الدولة كل مرّة لضخّ اعتمادات مالية لتفادي غلقها من الخزينة العامة وذلك على حساب مشاريع تنموية واستثمارية أخرى، وقد أعربت وزيرة المالية السابقة لمياء الزريبي على اعتزام الحكومة التفويت في بعض حصصها وأسهمها من البنوك العمومية للقطاع الخاصّ لتفادي انهيار هذه المؤسسات. يشار الى ان الطبوبي كان قد صرح سابقا ان التفويت في القطاع العام يُعد خطّا أحمر لانه المكسب الاوّل للشعب التونسي و انه سيقف بالمرصاد لكل محاولات التفريط في المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص مشددا على ان الاتحاد سيظل شوكة في حلق المندسين والمتطفلين على السياسة وفق قوله.