تختلف الرؤى حول تعريف اللعبة السياسية بين من يعرفها على انها لعبة حافة الهاوية، أو لعبة خلط الاوراق، ولعبة رفع سقف المطالب، وربما أحيانا سياسة قلب الطاولة، وعموما فإن أغلب السياسيين في تونس يستسهلون العمل السياسي دون إدراك ماهية السياسة فيختل العقل السوي عن إدراكها. فالفاعلون السياسيون ورؤساء الأحزاب في تونس حوّلوا وجهة اهتماماتهم وأهدافهم الى محاربة حركة النهضة التي باتت هدفهم الرئيسي لعزلها عن الحكم بدل تحقيق اهداف الثورة، وتناست الاطراف السياسية التي ترفع شعاراتها الثورية مسار الانتقال الديمقراطي لتوحد خطابها مع انصار الثورة المضادة بهدف الوصول الى السلطة لا تحقيق ارادة الشعب. ولفرط خوف هذه الأطراف من ان تنهيها الانتخابات البلدية المزمع اجراؤها في 6 ماي 2018، سارعت الى التهجم على حركة النهضة، وطالب ممثلو 13 حزبا بجهة القيروان على غرار حركة نداء تونس والجبهة الشعبية وآفاق تونس والتيار الديمقراطي والجمهوري والمسار الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات مدنية ورؤساء قائمات مستقلة بفتح تحقيق وصفوه بالجدي في أسباب قبول مطلب من رئيس قائمة حركة النهضة بعد الآجال القانونية لافتين الى ان ذلك تم "بإيعاز من المنسق الجهوي للهيئة طارق خلف بعد توثيق العملية". ودعوا في بيان مشترك صادر عنهم الاثنين 26 فيفري 2018 المنسق الجهوي لفرع الهيئة الى "الالتزام بالحياد التام والمهنية". واشار الموقّعون على البيان الى "أنه في تمام الساعة السادسة من يوم الخميس 22 فيفري الجاري تم غلق الابواب واخراج كل الحاضرين بالداخل باستثناء رضوان بودن وآمال صوة وأنه على السادسة و10 دقائق قدم الاسعد القضامي مصحوبا بالوثائق اللازمة فوجد الباب المخصص لدخول المترشحين للانتخابات البلدية مغلقا مما اضطره للدخول من الباب الخلفي المخصص للصحفيين بايعاز من المنسق الجهوي طارق خلف بعد استشارة رئيس الهيئة الفرعية عبد الحكيم الوصيفي وانه تم توثيق ذلك بفيديو وأن طارق خلف تسلم الأوراق من القضامي وسلمها مباشرة إلى أمال صوة التي رفعت شارة النصر". ولفت الموقعون على البيان الى" أن الأمنيين الذين كانوا موجودين أمام مقر فرع الهيئة عاينوا ذلك وأن مراقبي منظمة "عتيد "والصحفيين الموجودين هناك عاينوا ايضا هذا التجاوز علاوة على وجود كاميراوات مراقبة يمكن التثبتت منها والعودة لها" . من جهته، كشف الناطق الرسمي باسم حركة مشروع تونس حسونة الناصفي الاثنين 26 فيفري أن حركته تسعى الى الاطاحة بحركة النهضة. وقال الناصفي في حوار على راديو ماد أن حركة مشروع تونس لم تدعو يوما الى استئصال حركة النهضة لكنها تسعى الى الاطاحة بها عبر الصناديق، مضيفا نعتبر النهضة منافسا سياسيا. في هذا الشأن، لفت المحلل السياسي محمد بوعود لل"شاهد"، الى أن كل الاحزاب ستعرف جيدا أنها لن تنجح في منافسة حركة النهضة والنداء، بل هي فقط تريد أن تنافس نفسها، وتريد أن تبقى، مشيرا إلى أن بعض الأحزاب لم يبقى منها الا مكتبها السياسي، أو بعضا منه، وأخرى حافظت فقط على أمينها العام. وكانت إحدى قيادات حركة نداء تونس فاطمة الحطاب أقسمت على رفع قضية الحركة بسبب ما اعتبرته تجاوزا في تقديم قائمة انتخابية. ونشرت الحطاب تدوينة على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك ذكرت فيها حصول خرق للقانون من قبل فرع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالقيروان بقبولها مرشحا عن حركة النهضة بعد غلق مكتب قبول الترشحات أي بعد السادسة مساء. وقالت إنه سيتم رفع قضية في الغرض "وأن الحركة ستطلب تغيير رئيس الهيئة جهويا وستطعن فيها كما سنقوم بالتقاضي لإسقاط القائمة لتعدد المخالفات وانعدام شروط الترشح وخرق القانون، وأقسمت بذلك. ويرى مراقبون أن الاستنفار السياسي تشكل على اكثر من وجهة وجبهة سياسية من اجل ان يعزل الحركة سياسيا، غير أن سفن الخصوم السياسيين تسير عكس التيار السياسي الذي يبين على ارض الواقع ان النتائج قبول القائمات في كل الدوائر الانتخابية واكتساح حركة النهضة ومعها نداء تونس، ينم عن ادراك الحركة النهضة عن نية اعدائها السياسيين للايقاع بها وتوريطها في عديد الاحداث السياسية.