جموح الرغبة في إذكاء لهيب التدافع الإنتهازي والركوب على سروج النهم للتسلل الى مراكز النفوذ يصيب سياسيين تونسيين، اُتفق على تسميتهم برجال الظل رافق نشاطهم الجدل في خضم التحولات الضخمة التي تعمل على إعادة تشكيل المنطقة في إطار شبكة علاقات دولية واقليمية. من أكثر الشخصيات جدلا في تونس الامين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق، الذي لا يكاد يمرّ أسبوع حتى يتصدر اسمه عناوين الصحف، تارة يشتكي و طورا يهاجم و في كثير من الأحيان يتآمر. وقد اثارت زيارته الاخيرة الى المغرب ولقائه الأمين العام لحزب الأصالة و المعاصرة المغربي وتوقيع اتفاق شراكة بين الطرفين، جدلا واسعا، لما يُعرف عن العمري من علاقة وطيدة تربطه بالامارات التي تعمل جاهدة على محاربة مشروع الإسلام السياسي و العمل على وأد كل نجاحات الإسلاميين. هذا الاتفاق اعتبره محللون يصب في اطار التنسيق الإقليمي غير المعلن بين الاحزاب الموالية للإمارات وكذلك الميليشيات التي تخوض حروبا بالوكالة في ليبيا حيث قام مرزوق سابقا بزيارة إلى الشرق الليبي لمقابلة خليفة حفتر وكيل ابوظبي في بلد عمر المختار وذراعها السياسي (برلمان طبرق)و العسكري. هذا واتهمه المحامي سيف الدين مخلوف بالتخطيط لانقلاب وذلك على خلفية زيارته الى القائد العسكري الليبي خليفة حفتر، وقال إنه يخطط لمؤامرة حيث التقى كلا من دحلان و حفتر للانقضاض على التجربة الديمقراطية التونسية. ومع زيادة وتيرة الاتهامات الموجهة ضده بخدمة أجندات أجنبية، ومصالح خارجية، أكد النائب عن كتلة الحرة لمشروع تونس حسونة الناصفي في تصريح ل"الشاهد"، أن الاتهامات الموجهة ضد أمين عام حركته محسن مرزوق، مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة، وأكد أنها مزايدات سياسية وحرب موجهة ضد مرزوق. وأكد الناصفي أن حزبه يتحدى كل من ينشر هذه الاتهامات بمواجهتهم بالأدلة والاثباتات، وإنه ان ثبت فعلا تورط مرزوق في خدمة أجندات خارجية فإن اعضاء حزبه مستعدون لتقديمه بانفسهم الى القضاء حسب تعبيره. وأشار محدث "الشاهد"، إلى أن من يسوقون هذه رالتهم بالتآمر على الدولة وخدمة مصالخ أجنبية لا يعرفون أن التنافس السياسي لا يجب أن يصل حد الانحطاط الاخلاقي. رئيس حزب افاق تونس ياسين ابراهيم هو الاخر تلاحق تهم بالعمل لصالح أطراف خارجية تتعارض مع مصلحة البلاد، خاصة بعد المعلومات التي تناقلتها سابقا بعض الصحف التونسية والتسريبات عن تورطه في شبكة الجوسسة التي عملت على تدريبها الامارات المعادية للمسار الثوري التونسي، ويشار الى أن ابرز أهدافها تتلخص في معاداة حركة النهضة. كما نقلت نفس المصادر بعض المعلومات التي أكدها في ما بعد قياديوه، عن لقاء جمع بين ابراهيم والقيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان المثير للجدل و المعروف بلقبي "رجل الثورة المضادة" في دول الربيع العربي و"أخطبوط مؤامرات الشرق الأوسط"، انسحب على اثره الحزب من الحكومة ومن وثيقة قرطاج، ويرجح ان الانسحاب مخطط له، ولغايات دفينة، غالبا غير بريئة. فضيحة أخرى، كشفتها "أسرار عربية"، تحصلت عليها عبر وثيقة سرية إماراتية مفادها أن شبكة التجسس الاماراتية في تونس تعمل منذ العام 2016 على شراء ولاءات وذمم عدد من أعضاء البرلمان التونسي وتشغيل بعضهم كعملاء لأبوظبي من أجل تمرير الأجندة الاماراتية المعادية للثورة وللتيار الاسلامي في البلاد. وضمت قائمة النواب، شكيب باني النائب عن حركة نداء تونس، والذي قرر لاحقا مقاضاه الموقع، نافيا كل ما روج عنه. ويؤكد مراقبون، أن أنشطة كبار السياسيين في تونس، وبعض الملفات التي تثبت في كل مرة تورط بعضهم في قضايا جوسسة وفساد، قادت الى فقدان ثقة التونسيين فيهم وفي العملية السياسية ككل، وهو ما تترجمه نتائج سبر الاراء الصادرة تباعا، ووصل فقدان الثقة حد عزوف الناخبين عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.