لا يزال الوضع المالي والاقتصادي في تونس متفاقما في ظلّ ما يعيشه الدينار التونسي من تغيرات و انخفاض مستمر في قيمته ، و خاصة بعد أن كشفت البيانات الرسمية للبنك المركزي أن مخزونه من العملة الصعبة في تراجع مستمرّ ، فضلا عن اتساع هوة العجز التجاري و ارتفاع نسبة التضخم مما أصاب الاقتصاد في مقتل.. و في هذا الصدد، أصدرت وزارة المالية نشرية حول الدين العمومي على موقعها الالكتروني ، كشفت من خلالها أن الدين العمومي لتونس قد بلغ ، موفى ديسمبر 2017، مستوى 69.9 بالمائة من الناتج المحلي الخام مقابل 61.9 بالمائة، لكامل سنة 2016. و وفق ما جاء في النشرية، فقد مر قائم الدين من 55921.5 مليون دينار خلال سنة 2016 إلى 68073.7 م د، موفى ديسمبر 2017. وناهز الدين الخارجي، موفى ديسمبر 2017، مبلغ 46785.1 م د أي ما يعادل نسبة 48.04 بالمائة من الناتج المحلي الخام. ويتركب قائم هذا الدين الخارجي من 50 بالمائة من القروض المتعددة الأطراف و14 بالمائة من القروض الثنائية و36 بالمائة من القروض المتحصل عليها من السوق المالية الدولية.بينما عادل الدين الداخلي لتونس مبلغ 21288.6 م د أي ما يمثل نسبة 21.86بالمائة من الناتج المحلي الخام. وينقسم هذا الدين أساسا إلى 59 بالمائة من رقاع الخزينة القابلة للتنظير و31 بالمائة من الإيداعات بالخزينة العمومية. وبالتالي، سجلت خدمة الدين، نتيجة لذلك، تطورا لتمر من 5198.3 م د، خلال 2016، لتصل إلى غاية 7003.9 م د، موفى ديسمبر 2017. وشهد الإقتراض الخارجي، بدوره، منحى تصاعدي بلغ 8644.5م د، موفى ديسمبر 2017، ليتضاعف بذلك مقارنة بسنة 2016 (5ر4013 م د). في حين تقلص الإقتراض الداخلي ليصل الى 2680.6 م د، موفى ديسمبر 2017، مقابل 3888.6 م د خلال 2016. وتتعرض تونس لضغوط من صندوق النقد الدولي لتسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية وإنقاذ اقتصادها المتعثر. لكن حكومات متعاقبة فشلت في إحداث التغييرات اللازمة لتقليص عجز الميزانية وتسريع النمو. ولعل الوضع الحرج الذي تعاني منه المالية في تونس تدعّم بقرار مفوضية الاتحاد الأوروبي إدراج تونس في قائمة الدول "عالية المخاطر" في مجال تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وهو ما دفع إلى إقالة محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري وتعيين مروان العباسي خليفة له. وفي خضم هذا الشأن، يرى مراقبون ان المحافظ الجديد مطالب ببعث رسائل إيجابية سريعة للمستثمرين، عبر خفض نسبة الفائدة في أول اجتماع لمجلس إدارة البنك، والإعلان عن عملية تدقيق شامل، فضلا عن المزيد من تفعيل لجنة التحاليل المالية لتعقب الحسابات المشبوهة. ويعتبرون ان إحكام الرقابة على المنظومة المالية والبنكية للبلاد والصرامة في تطبيق التشريعات المتعلقة بمكافحة تبييض الأموال، سيساعدان على خفض المخاطر التي كانت وراء تصنيف تونس الأخير على قائمة الدول الأكثر عرضة لتبييض الأموال.