يعيش المشهد السياسي، خلال الفترات الأخيرة، على وقع طفرة من التصريحات و المواقف الطاعنة في الائتلاف الحاكم وفي أداء حكومة الوحدة الوطنية ككل،رافقتها مطالب بإجراء تحوير وزاري من جهة و بإسقاط الحكومة برمتها من جهة أخرى، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد فترة حساسة تستوجب وحدة جميع الأطراف.. ولعلّ تسارع نسق الأحداث التي عايشتها حكومة الوحدة الوطنية مؤخرا بين منسحب منها ومشكك في ادائها أربك المشهد السياسي عموما وخلق سيلا من التساؤلات لدى الرأي العام حول مدى جدية هذه التركيبة التي وصفها متابعون ب"غير المتجانسة"، سيّما في هذه المرحلة الحساسة التي تمرّ بها البلاد على جلّ الأصعدة (اقتصاديا، ماليا، اجتماعيا .. ). وقد كثف عدد من الأحزاب و الأطراف السياسية من اعتماد سلاح الشيطنة تجاه الائتلاف الحاكم ككل و ضد حزب حركة النهضة بالخصوص في خطوة لضربه وتشويهه متعمدين تحميلها مسؤولية فشل الحكومات المتعاقبة بما فيها حكومة الوحدة الوطنية . ولم يتوقف امر توجيه أصابع الاتهام وتحميل المسؤولية لحركة النهضة على الأحزاب المعارضة وحسب، وانما انخرط نداء تونس بدوره في هذه الحملة ، وذلك منذ انطلاقه في التخطيط لفكّ رباطه مع الحركة . و يبدو أن تتالي الهزائم، وفشل أغلب المحاولات السياسية في التموقع، أفقدت بعض الأطراف السياسية حنكتها، ورؤيتها السليمة وتقييمها المتعقل للمواقف و متطلبات المرحلة، مما عقّد إدراكها الشامل للأشياء، وصعّب عليها المحافظة على توازنها السياسي. و في تعليقه على محاولات عدد من الأطراف السياسية تشويه الائتلاف الحاكم وحركة النهضة بالخصوص، أكد المحلل السياسي عبدالله العبيدي ان طبيعة العمل السياسي عموما يقتضي المنافسة ، مستدركا أن الأحزاب في تونس حادت عن المنافسة النزيهة و أضحت استهدافا لأحزاب الائتلاف الحاكم، ممثلا في حركة النهضة والنداء، مما يدل على عجز هذه الأطراف عن إرساء برنامج فعلي و اقتصرت على "التشويه" لاختصار الطريق نحو البلديات، وفق تقديره. و أضاف العبيدي في السياق ذاته ان التجاء اطراف الى تشويه وشيطنة الائتلاف الحاكم و ذلك لعجزهم عن اقتراح البديل ، و عجزهم عن تحريك قواعد بالبلاد ،و عن خلق مقاربة شاملة بالبلاد لإخراجها من الأوضاع المتدهورة التي تعيش على وقعها . كما اعتبر العبيدي أن ردة فعل أحزاب المعارضة لا تعتبر "مثلى" ، مشيرا الى انه حتى لو كانت هذه الأحزاب بعينها في الحكم لم تكن لتتمكن من تغيير ما تعيش على وقعه البلاد ، وفق تقديره، مقرا بأن البلاد في الوقت الراهن عاجزة سياسيا ككل.