ما انفكت توجه أصابع الاتهام واللوم الى كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية ،ممثلة في رئاسة الجمهورية، حول التسبب في تعطيل مسار الانتقال الديمقراطي وذلك بسبب التلكؤ في النظر في عديد الملفات الحارقة وذات الأولوية القصوى وترحيلها إلى آجال غير مسماة ، لعل أبرزها ملف إرساء المحكمة الدستورية التي خلق تعطيلها الكثير من الجدل على الساحة السياسية والحقوقية نظرا لأهمية هذه الهيئة في استكمال مسار الانتقال الديمقراطي الذي تمضي تونس قدما في تحقيقه.. و قد مر أكثر من أربع سنوات على إقرار إحداثها في دستور 2014 ، ومع ذلك مازالت أزمة المحكمة الدستورية تراوح مكانها ولم يقع حلها بعد و بقيت رهينة اتفاق الكتل البرلمانيّة ، التي فشلت في الاتفاق على المرشحين ، إلاّ أن آخر المستجدات أفادت بأنّ الأوضاع في طريقها للحلحلة خاصة و أنّ العملية الانتخابية ستنطلق يوم 13 مارس المقبل تحت قبة البرلمان، وسيحاول رؤساء الكتل الاتفاق على 4 أعضاء من بين 8 مرشحين للمحكمة. وبعد أخذ و ردّ و جلسات ماراطونية و 5 اجتماعات متتالية لرؤساء الكتل، قرّر مكتب المجلس عقد جلسة عامة يوم 13 مارس القادم من أجل انتخاب 4 أعضاء لمجلس المحكمة الدستورية. و جاء قرار المكتب بعد توصل الكتل البرلمانية إلى توافقات حول الأسماء المترشحة والمنبثقة عن لجنة الفرز، والتي ستكون ثمانية أسماء ستتنافس من أجل الحصول على 4 مقاعد، وهم كل من العياشي الهمامي المحامي لدى محكمة التعقيب مرشح من قبل كتل الجبهة الشعبية والاتحاد الوطني الحر والديمقراطية، عبد اللطيف البوعزيزي أستاذ الحضارة الإسلامية مرشح حركة النهضة، سناء بن عاشور مرشحة الجبهة والحرة والوطنية، سليم اللغماني مرشح من قبل نداء تونس والوطنية والحرة، روضة ورسغيني مرشحة من قبل نداء تونس، في حين لم يحسم التوافق إلى حد الآن بين المرشحين محمد صالح بن عيسى، زهير بن تنفوس، أحمد صواب، شكري المبخوت. ومن أجل انتخاب أي عضو يجب أن يتحصل على 145 صوتا، وهو ما يستوجب التوافق بين الكتل البرلمانية. وطالبت مجموعة من منظمات المجتمع المدني (أنا يقظ؛ بوصلة؛ الجمعية التونسية للقانون الدستوري)، مجلس النواب بالإسراع في انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية الأربعة، باعتبار أن تركيز هذه المحكمة يعد في الوقت الراهن أولوية مطلقة. وبينت المنظمات أن "دستور 2014 نصّ على تركيز المحكمة الدستورية في أجل عام واحد من تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية لسنة 2014، إلا أنه لم يتم احترام هذا الأجل". في المقابل ، تتجه أصابع الاتهام الى رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي بالتسبب في تعطيل ارساء المحكمة الدستورية ، وقد ضجت منصات التواصل الاجتماعي حول هذه المسألة ، مما دفع رئاسة الجمهورية إلى الدخول على الخط. وفي خضم هذا الشأن، عبرت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش عن استغرابها من الانتقادات التي يتعرض لها الرئيس الباجي قائد السبسي فيما يتعلق بتأخر تركيز المحكمة الدستورية. وقالت سعيدة قراش ان الرئيس تعرض للانتقادات بعد دعوته للإسراع في النظر في قانون المحكمة الدستورية حيث انه اتهم بتجاوز صلاحياته. وتابعت سعيدة قراش رئيس الجمهورية ذكر رئيس مجلس النواب بالمسالة وقام بدوره على اكمل وجه مضيفة تريدون من رئيس الجمهورية ان يدخل في إضراب جوع كي تتركز المحكمة الدستورية…