بعد الضجة الواسعة التي اثارتها زيارة القيادي السابق بحركة فتح والمعروف ب"عرّاب الانقلابات" و"مفتّن الثورات" محمد دحلان الى تونس والاتهامات التي وجهت له بكونه يتدخل في الشأن التونسي ويسعى الى افشال تجربة الانتقال الديمقراطي في تونس بإيعاز من الإمارات ، خرج دحلان عن صمته مؤخرا و أدلى بتصريحات ان كانت ظاهريا عادية بيد أنها تضج برسائل ضمنية مشفرة. و كذّب محمد دحلان، الجمعة 16 مارس 2018، الأنباء المروّجة عن تدخّله في الشأن التونسي ووقوفه في صفّ ما يُسمى ب"الثورة المضادة ". وقال دحلان، في حوار مع قناة "فرانس24′′، إنّ "كلّ ما يقال عني لا أساس له من الصحة، ومن أنا حتى أقرّر ما يحدث في تونس؟.. هذه التصريحات اعتبرها استخفاف بذكاء وإمكانيات التونسيين وهم أحرار في تقرير مصيرهم ومصير دولتهم"، مستطردا "أصلا أنا لا اعترف بما يسمّى ربيع عربي، لأنّه دمّر الشعوب العربية، أنظر إلى ليبيا وسوريا كيف أصبحا؟!، وأنظر إلى تونس كيف كانت جميلة وكيف حالها اليوم؟!". كما أوضح أنّ عدم اعترافه بالثورات لا يعني أنّه ضدّ حقّ الشعوب في التخلّص من الدكتاتوريين، لكن "أن تُدمر الشعوب العربية تحت مسمّى هذا المصطلح هو غير مقبول"، قائلا إنّ العرب أدركوا أخيرا أنّ "الثورة هي مجرّد أكذوبة". وأشار إلى أنّه لم يزر تونس منذ عهد ياسر عرفات، قائلا "لي أصدقاء هناك كما هو الشأن في جميع الدول العربية، وأنا مستعد لزيارة تونس لأنّ ذلك يعني العودة إلى بلدي إلى الديار، فتونس آوتنا وحمتنا وقدّمت لنا يد المساعدة ولن ننسى فضلها ما حيينا.. نحن مدينون للشعب التونسي الذي أكرمنا". جدير بالذكر ان صحيفة "لوموند" الفرنسية نشرت في موفى 2017، مقالا وجهت فيه انتقادات لاذعة لدحلان ، قالت فيه إن : " «محمد دحلان» هو رجل «الثورة المضادة» في العالم العربي، سواء في تونس أو مصر أو ليبيا أو غيرها"، مشيرة إلى أنه يعد جزءا من لعبة جيوسياسية إقليمية كبرى طرفاها الأساسيان مصر والإمارات. وأوضحت الصحيفة أنه "ربما لم تشغل شخصية فلسطينية الرأي العام والصحافة في العالم العربي منذ أوساط التسعينات كما فعلت شخصية محمد دحلان، وربما أيضا لم تكن شخصية فلسطينية موضع شبهات من كل نوع كما هو حال دحلان، من الفساد إلى العمالة لإسرائيل إلى تهريب السلاح وغيرها". وأشارت إلى أن اسم «دحلان» على كل لسان، فالرئيس السابق لوحدات مكافحة الإرهاب بفلسطين البالغ من العمر 56 عاما، يبدو، منذ أن طرد من منظمة التحرير الفلسطينية عام 2007 وانتقل للعيش في أبوظبي، كما لو كان جزءا من لعبة جيوسياسية إقليمية كبرى طرفاها الأساسيان مصر والإمارات، تسعى إلى وضعه مجددا على رأس قطاع غزة الذي تسيطر عليه «حماس» ويخضع لحصار خانق وحروب لا نهاية لها. و لفتت لوموند التي وصفت دحلان بالرجل الغامض، إلى أنه يقوم بمناورات متعددة لاستعادة السيطرة على غزة تلعب فيها الإمارات دور المضخة النقدية بينما تعد مصر بتخفيف الحصار بإعادة فتح معبر رفح، والخطة، بحسب الصحيفة، تقضي بعودة الرجل الطموح إلى وطنه مسؤولا عن الشؤون المدنية فيما تترك للإسلاميين إدارة الأمن. كما نوهت الصحيفة بأن دحلان، تمكن منذ أن تم إعلانه شخصا غير مرغوب فيه في فلسطين، من الصعود بطريقة مذهلة وصادق أرفع المسؤولين السياسيين والأمنيين في المنطقة بفضل الغطاء السياسي والمالي الإماراتي باعتباره، كما تصفه لوموند، مستشارا مقربا من حاكم أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان. وكشفت لوموند أن دحلان التقى عدة مرات مع زعيم الانقلاب المصري المصري عبد الفتاح السيسي، وشارك في مفاوضات الخرطوم حول بناء سد على نهر النيل، كما قاد عمليات سرية في ليبيا يشتبه في كونها متعلقة بشحنات أسلحة وإمداد المرتزقة إلى اللواء المتقاعد الليبي خليفة حفتر، وساهم في إطلاق حزب سوري معارض في القاهرة، والتقى سرا مع جهات فاعلة في التحول السياسي التونسي وغيرها. وأضافت أن "دحلان" كان سيحضر خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الرياض، في ماي 2017 إلى جانب زعماء خمسين دولة عربية ومسلمة. ونقلت لوموند عن أحد الدبلوماسيين العرب في باريس قوله إن دحلان حين يأتي إلى العاصمة الفرنسية "تفتح السفارة الإماراتية صالة المطار وترسل له سيارات ليموزين، إنهم يعاملونه كما لو كان شيخا من أفراد الأسرة الحاكمة". وأكدت الصحيفة أن مهمة دحلان المحددة هي المساهمة بما يمتلكه من اتصالات أخطبوطية في المنطقة، في إعادة تشكيل الشرق الأوسط ما بعد الربيع العربي بما يتوافق مع المصالح الإماراتية، أي ضد الإسلاميين وإيران وقطر. وكشفت أنه يمتلك مكتبا في القاهرة وآخر في أوروبا، لكن مكتبه الرئيسي في أبوظبي يسمى شركة أبحاث. و صعد دحلان سريعا في أوساط القيادة الفلسطينية حتى انتخب عام 2009 عضوا في اللجنة المركزية ل«فتح» وانفتحت أمامه أبواب الترشح للرئاسة حين أصبح مستشارا للأمن القومي ل«محمود عباس» الذي قام بطرده بعد ذلك ومحاكمته بتهم الفساد المالي؟، وفق الصحيفة الفرنسية. بعد ذلك، انتقل دحلان، لاجئا إلى أبوظبي التي كانت تستقبل الخاسرين العرب من ثورات 2011، حيث بدء العمل برعاية الإمارات على "مواجهة صعود الإخوان المسلمين الفائزين في انتخابات مصر و النهضة في تونس من خلال دبلوماسية سرية وقوية سيكون دحلان أحد أركان هذه المؤسسة المضادة للثورة". وكشفت الصحيفة الفرنسية، أن الضربة الأبرز التي تلقتها التجربة الديمقراطية العربية كانت تمويل دحلان وصديقه محمد بن زايد لتظاهرات جوان 2013 المصرية الضخمة ضد الإسلاميين وأفضت إلى انقلاب عسكري، على محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا في البلاد. وبحسب الصحيفة، فإنه "في ليبيا، يعمل دحلان على تنفيذ سياسة الإمارات في دعم خليفة حفتر في برقة ضد إسلاميي مصراتة المدعومين من قطر ورئيس وزراء الوفاق فايز السراج المدعوم من الغرب، حيث يتمتع دحلان بصلات واسعة مع شخصيات عملت ضمن نظام معمر القذافي تعمل اليوم إلى جانب حفتر مثل محمد إسماعيل والملياردير حسن طاطاناكي وقذاف الدم ابن عم القذافي" .