تعيشُ تونس على وقع مخاوف كبيرة تتعلق بارتفاع نسبة التداين وتعمق العجز التجاري خاصة في ظرف يتسم بتشتت الأوضاع الاجتماعية و السياسية و التراجع المتواصل للدينار التونسي امام الاورو والدولار . الأمر الّذي جعل تونس تتشبث بطوق نجاة ممثّلا في القروض المجزّأة التي يمنحها صندوق النقد الدولي ،مرفقة بحزمة من الشروط لعل آخرها تلك المتعلقة بتقليص كتلة الأجور و التي ارتفعت بين 2010 و2017 بحوالي 7000 مليار ، حسب ما أفاد به الناطق الرسمي باسم الحكومة إياد الدهماني. و يتكدس عشرات الموظفين في الوظائف العمومية دون تقديم أي فائدة تذكر و لا يملكون أي عمل ينجزونه طوال النهار ما دامت دائرتهم ليست خدمية لكنهم يتقاضون نفس أجور زملائهم و يكبدون الدولة خسائر بالمليارات دون تقديم إسداء أيّ خدمة . و اكد السبسي يوم الثلاثاء 20 مارس الجاري في خطاب ألقاه بقصر الرئاسة في قرطاج بمناسبة احتفال تونس بالذّكرى 62 للاستقلال، أنّ المديونية العمومية كانت تمثل 40 بالمائة سنة 2010 وارتفعت إلى 70 بالمائة في 2017. و أشار الرئيس إلى أن كتلة الأجور ارتفعت من 7 مليارات دينار في 2010 إلى 17.50 مليار دينار في 2017 وذكّر الرئيس التونسي بالخسائر التي سجلتها بلاده نتيجة الإضرابات في قطاع الفوسفات التي قدرت ب10 مليارات دينار . و دخلت الحكومة هذه السنة في استراتيجيات اصلاحية انطلقت من سياسة التقشف و تجميد الاجور و تخفيض الدعم وصولا الى غلق الانتدابات العمومية و حصر اعداد الموظفين استجابة للشروط التي املاها صندوق النقد الدولي لتجزأة أقساط القروض المقدمة لتونس . و قال وزير التكوين المهني والتشغيل فوزي عبد الرحمان أنّ حكومة الشاهد قرّرت إيقاف الانتدابات خلال سنة 2018 واوضح في تصريح لموقع افريكان مانجر، في أكتوبر المنقضي ، انه تقرّر عدم تعويض المحالين على التقاعد خلال السنة الجارية، مشيرا الى أنّ الحكومة تسعى إلى الحدّ من تضخم عدد أعوان الوظيفة العمومية المُقدّر حاليا ب 700 ألف مُشيرا إلى انه سيقع تعويض الشغورات عن طريق التحكم في الموارد البشرية المتاحة. من جانبه قال وزير الوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد كمال العيادي خلال حضوره ببرنامج إذاعي بداية هذه السنة ، أن كتلة أجور الموظفين تحولت من 6500 مليار دينار إلى 13 ألف مليار دينار في 4 سنوات، أي ما يقارب 14 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن هذه النسبة تعتبر مقلقة. و تعدّ كتلة الأجور في تونس من أعلى المعدلات في العالم و بلغت في سنة2015، 14,1 % من الناتج الداخلي الخام وسجلت الأجور ارتفاعا ب2.932 مليون دينار سنة 2017 لتنتقل بذلك من 35.725 مليون دينار إلى 38.657 مليون دينار أي بارتفاع ب 8.2 %، ويعود هذا الفارق إلى النسبة المسجلة في الترقيات والمنح المقدرة ب 32.6 %. ونسبة 49 % تدابير جديدة و17 % للانتدابات الجديدة. وتشهد الانتدابات في الوظيفة العمومية توقفا منذ سنة 2014 بعد ان تضاعفت بحوالي ثلاث مرات خلال الفترة ما بين 2011 و2013، حسب المرصد التونسي للاقتصاد.