بين الرافض والمؤيد لطلب هيئة الحقيقة والكرامة التمديد في مدة عملها كانت أراء نواب الشعب وايضا سياسيين ومنظمات ونشطاء المجتمع المدني مُتباينة و أفضت إلى انقسام فاقع سواء داخل البرلمان أو خارجه. و طالبت مكونات المجتمع المدني بضرورة تمديد مدة عمل هيئة الحقيقة و الكرامة، و لفت رضا المثلوثي ممثل جمعية الإنجاز إلى أنه لا موجب لرفض البرلمان لقرار التمديد الذي اتخذته الهيئة خاصّة وانها قد قدّمت جملة من المؤيدات والمبررات التي تفيد بانها لم تنته من أعمالها بالنظر إلى أن الكثير من المؤسسات لم تمكنها من الملفات الضرورية لاستكمال تحقيقاتها ومهامها. وأفادت المنظمة الدولية المعنية بحقوق الإنسان هيومن رايتس ووتش بأنه يجب تجديد صلاحية هيئة الحقيقة والكرامة في مجلس نواب الشعب. وقالت المنظمة في بيان لها إن ‘السلطات التونسية لم تقم بشيء يُذكر لمحاسبة المتورطين في ارتكاب انتهاكات خطيرة في الماضي إبان حكم الرئيس السابق، خارج نطاق العدالة الانتقالية'، مشددة على أن التصويت ب "لا" يعني تخريب عملية العدالة الانتقالية الهشّة وضرب حقوق الضحايا في الحقيقة والعدالة والتعويض عرض الحائط. وقالت آمنة قلالي مديرة مكتب تونس في هيومن رايتس ووتش إن "السلطات التونسية أعاقت بالفعل نشاط هيئة الحقيقة والكرامة، إذ رفضت التعاون بالكامل معها واعتمدت قانونا مثيرا للجدل حول المصالحة الإدارية. التصويت ب "لا" على تمديد نشاط الهيئة يعني أن البرلمان يصوت ب "نعم" على الإفلات من العقاب". وهيئة الحقيقة والكرامة دستورية مستقلة، معنية بتنفيذ قانون العدالة الانتقالية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الرئيسين الأسبقين الحبيب بورقيبة (1956 – 1987)، وزين العابدين بن علي (1987 – 2011) وفترة ما بعد الثورة إلى حدود نهاية ديسمبر 2013. و شهد مجلس النواب، يوم السبت 24 مارس، جلسة عامة مشحونة أثناء مناقشة تمديد عمل "هيئة الحقيقة والكرامة" لعدة أشهر، ما دفع رئيستها، ونائبها للانسحاب من القاعة، ومقاطعة الجلسة. وفي الجلسة اتهم نواب من الكتلة الديمقراطية كتلة نداء تونس ب"محاولة ضرب مسار العدالة الانتقالية"، معتبرين أن انعقاد الجلسة "غير قانوني". وأثارت وثائق نشرتها "هيئة الحقيقة والكرامة"، قبل أيام، تتضمن "حقائق تثبت الاستغلال الفاحش من قبل المستعمر الفرنسي للثروات الباطنية التونسية بموجب امتيازات تحصلت عليها فرنسا، لم يتم إلغاؤها في اتفاقية 20 مارس 1956″، جدلا واسعا في البلاد. فخرج المواطنون إلى شوارع العاصمة معبرين عن حنقهم من الوضع الراهن، ودعمهم لرئيسة الهيئة، سهام بن سدرين. وتجمع محتجون، يوم الثلاثاء الماضي، قبالة مقر السفارة الفرنسية، وقاموا بإحراق العلم الفرنسي، مطالبين بإنهاء التدخل الفرنسي في البلاد. من جهتها، كشفت بن سدرين عن اتفاق بين الرئيس السابق الحبيب بورقيبة والسلطات الفرنسية عشية استقلال تونس، يسمح لفرنسا باستغلال ثروات النفط والملح، وطالبت فرنسا بتعويض مادي، وتعويض الأضرار الاقتصادية التي لحقت بتونس نتيجة استغلال ثرواتها دون وجه حق. و على وقع هذه التصريحات شنّ 60 مؤرخا هجمة على سهام بن سدرين واتهموها بالتضليل والتلاعب بالوثائق التاريخية، وردّ باحثون وسياسيون تونسيون بالتشكيك ب»كفاءتهم» العلمية بعد نعتهم بمؤرخي السلطان. في المقابل أكد المؤرخ عبد الجليل التميمي قبل أيام صحة الوثائق التي نشرتها هيئة الحقيقة و الكرامة حول استغلال المستعمر الفرنسي للثروات التونسية، مشيراً إلى أنه قام بدراسة هذا الملف الحساس، حيث تبين أن القيادة السياسية التي وقعت على وثيقة الاستقلال قامت بالتفريط في أهم رموز السيادة التونسية كالثروات الباطنية على غرار الملح والنفط.