يشهد المشهد السياسي اليوم نسقا متسارعا ، على مستوى ما يطوّق الحكومة طاقمًا ومردوديّةً، إذ في حين تضافر الحكومة الجهود للعمل على قدم وساق لإنقاذ البلاد من شفر الهاوية في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والاجتماعية المتأزمة، بدأت المركزية النقابية التي أبدت تقاربها مع الطرف الحكومي لما يناهز السنة بدأت تحيد عن السطر وتطالب بتحوير وزاري ، في سابقة اعتبرها الطرف الحكومي تجاوزا لصلاحيات المنظمة الشغيلة في مرحلة جد حساسة تمر بها البلاد على جل الأصعدة . و عموما، مثلت الأوضاع المالية والاقتصادية المتدهورة التي تعيش عgى وقعها البلاد العامل الأبرز الذي خلق توترا اجتماعيا ، وجميع هذه الأوضاع رهينة الاستقرار السياسي والحكومي على حد سواء. و يواصل الاتحاد العام التونسي للشغل انتهاج نفس أسلوب التصعيد الذي انطلق في اعتماده خلال الأسابيع الأخيرة شانًّا هجوما صارخا على حكومة يوسف الشاهد. و قد صعّد الاتحاد العام التونسي للشغل من حدة لهجته تجاه الحكومة، إذ عبّر عن تمسكه بضرورة إجراء تحوير وزاري. وقال الأمين العام للاتحاد، نور الدين الطبوبي، إثر لقائه رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، أمس الخميس 5 أفريل 2018 ، إن هناك توترات اجتماعية خانقة تعيشها تونس بسبب تدني القوة الشرائية للمواطن وفي كل المجالات، مؤكدا، في تصريحات صحفية، تمسّك المنظمة النقابية ب"ضخ دماء جديدة في الحكومة"، موضحا أن "الوضع في البلاد يتطلّب إيجاد حلول جديدة". و يأتي ذلك بعد إصدار المركزية النقابية بيانا شديد اللهجة، مساء الأربعاء، دعا فيه الأطراف السياسية والمسؤولين إلى "تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والفئوية والحزبية، وعدم استخدام المحطّات الانتخابية القادمة مبرّرا للمزايدات والتجاوزات والإضرار بمصالح عموم الشعب". وأكد البيان على "ضرورة ضخّ دماء جديدة في مفاصل الدّولة، وبالخصوص في مستوى التشكيل الحكومي، على قاعدة صياغة البرامج القادرة على حلّ المسألة الاجتماعية ومعالجة الأزمة الاقتصادية، بكفاءات تتحلّى بالخبرة ونظافة اليد، والقدرة على المبادرة والولاء لتونس". و انتقدت المنظمة الشغيلة "سياسة التفرّد بالرأي والقرار التي تنتهجها الحكومة في الملفّات الكبرى هي سياسة الهروب إلى الأمام نحو مزيد من إنهاك التونسيات والتونسيين بالإجراءات اللاّشعبية، التي لن تفرز إلاّ مزيدا من التوتّرات الاجتماعية، وستعمّق الأزمة الاقتصادية، وترسّخ الارتهان الخارجي". كما عبر بيان الاتحاد عن تشبثه ب"مبدأ التشاركية في معالجة هذه الملفّات، وفق رؤية وطنية واجتماعية واقتصادية تحافظ على مكاسب البلاد وتطوّرها وتحمي المؤسّسات العمومية وتدعّمها لتلعب دورها الوطني". هذا واستنكر الاتحاد صمت الحكومة إزاء "التهاب الأسعار التي مسَّت كلّ المواد تقريبا، وآخرها قرارها الزيادة في المحروقات"، معتبرا أن "الأجراء وعموم الشعب من أكثر المتضرّرين، سواء بعلاقة بقدرتهم الشرائية المتدهورة وبتداعياتها على معيشتهم وعلى المزيد من تأزُّم وضعهم الاجتماعي، إلى جانب تأثيراتها الخانقة على المؤسّسات، مقابل إحجام الحكومة عن اتخاذ إجراءات ملموسة لمراجعة مسالك التوزيع ومحاربة التهريب والاحتكار". و يرى متابعو الشأن السياسي أن هذه المواقف الصادرة عن المركزية النقابية ، التي اتسمت علاقتها بحكومة الوحدة الوطنية على مدار سنة كاملة بالودّ والصفاء، تشير إلى أن اتحاد الشغل قد حسم موقفه تقريبا فيما يتعلق بالحكومة، الأمر الذي يكشفه إصراره على إجراء تحوير وزاري.