بالتزامن مع إحياء الذكرى ال80 لعيد شهداء تونس الذين سقطوا في 1938 ، طفح جدل واسع على سطح الساحة الاعلامية بعد تجديد المطالة باعتذار فرنسي رسمي من تونس على ماتسببته لها خلال 75 سنة من الاستعمار، سيما وأن وطادة العلاقة بين الدولتين في الوقت الحالي (التي تجلت في زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى تونس ومصافحته للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي) تظلّ منقوصة طالما لم تعتذر فرنسا من تونس. وفي خضم هذا الشأن، دعا المناضل العروسي بن إبراهيم ‘، فرنسا الى الاعتذار عن 75 سنة من الاستعمار وخاصة على الأحكام بالسجن والمؤبد باسم المحكمة الفرنسية و الشعب الفرنسي والصادرة في حق عدة مناضلين، هو من بينهم. واعتبر ، في تصريح لموزاييك اف ام، أنّ زيارة الرئيس إمانيول ماكرون ومصافحته للرئيس الباجي قايد السبسي تأكيد على مستقبل الصداقة والتعاون بين تونسوفرنسا الذي لن يكون مقبولا إلا متى إعتذرت فرنسا على 75 سنة من الاستعمار، حسب تصريحه. من جانبه قال المناضل حامد الزغل "وقتلي نقولوا أحنا أوفياء للشهداء يلزم نكونوا حقيقة أوفياء ليهم" . وأضاف حامد الزغل أن المستعمر الفرنسي كان يعتقد ان بحله الحزب الدستوري التونسي يوم 12 افريل 1938 قضى على الحركة كليا في حين تواصلت الحركة بتكوين زعمائها (الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف والطاهر صفر والهادي نويرة) بسجون فرنساوتونس والجزائر ديوانا سياسيا ثانيا بالسجون وهو ماوصفه حامد الزغل بالضربة القوية للمستعمر الفرنسي . و في السياق ذاته، رأى المحلل السياسي منذر ثابت، في تصريحات سابقة، أن فرنسا شريك مهم ورئيسي في دعم الاقتصاد التونسي وفي دعم تجربة الانتقال الديمقراطي ككل"، لكنه استدرك بالقول: "هناك دعم لكنه غير كاف، سيما وأن فرنسا تحججت سابقا إبان فترة حكم الرئيس المخلوع بن علي خلال التفاوض على مرتبة (الشريك المتقدم) في الاتحاد الأوروبي بأن هذه المرتبة لا يمكن منحها في ظل وضع مترد لحقوق الإنسان ودولة لا تحترم الديمقراطية لكنها بعدها الثورة تنصلت من وعودها تلك سيما الاقتصادية منها وكأنها تفضل التعامل مع أنظمة شمولية استبدادية في المنطقة". واعتبر ثابت، أن التعاطي الإعلامي لكبرى الصحف الفرنسية مع ما يحدث في تونس بعد الثورة لم يستطع التخلص من خطاب التعالي، وهو ما يستوجب من التونسيين أن يذكروا فرنسا ورئيسها بالحقبة الاستعمارية السوداء ويطالبوه بالاعتذار الرسمي عن الجرائم التي اقترفت بحق التونسيين تماما كما فعل خلال زيارته للجزائر إذا كان فعلا جادا في طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من العلاقات الاقتصادية والسياسية قوامها الندية والدخول في شراكة متوازنة. جدير بالذكر أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، كان قد أكد قبيل زيارته الى تونس انه لن يقدم أي اعتذار حول ملف جرائم الاستعمار الفرنسية، موضحا أنّ القاعدة بالنسبة إليه هي "عدم الإنكار وعدم تقديم اعتذار". وجاء توضيح الرئيس الفرنسي، ردا على سؤال خلال حوار أجراه مع قناة "تراس أفريكا"، وجهته له شابة من أصل كونغولي، حول ما ينوي القيام به بصفته رئيسا لفرنسا لترميم ماضي فرنسا الاستعماري في إفريقيا. وقال ماكرون "أعتقد أن ذلك يتم بترميم الذاكرة وهذه الشابة لم تعش الاستعمار، لذلك لا يمكنها بناء حياتها وعلاقتها مع الدولة التي تعيش فيها وهي بفرنسا بهذا الماضي الاستعماري"، مضيفا "لن أقول أن فرنسا ستدفع تعويضات أو تعترف سيكون ذلك سخيفا …لا بد أن تكون هناك مصالحة للذاكرة يعني في تاريخ فرنسا بإفريقيا يجب أن نتحدث عن هذه الصفحات السوداء والمجيدة وهناك عمل تاريخي يجب أن يتواصل". وتابع ماكرون قائلا: "قلت دائما لا إنكار ولا اعتذار، لابد من رؤية الأشياء أمامنا هذا تاريخنا المشترك.. وإلا سنبقى في فخ هذا التاريخ الذي هو بلا نهاية".