رغم الجهود المتضافرة التي تقوم بها لجنة الخبراء ال18 لصياغة وثيقة قرطاج 2 والأشواط الهامة التي قطعتها فيها والإجراءات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي صاغتها ، فإنه يبدو أن رؤى الاتحاد العام التونسي للشغل تتعارض مع ما جاء في الوثيقة. وكان نورالدين العرباوي، عضو لجنة خبراء « وثيقة قرطاج 2» قد أكد أنّ الوثيقة تضمّنت الكثير من الإجراءات، خاصّة منها الإقتصادية والاجتماعية ولاقت بنسبة 95 بالمائة، موافقة المنظّمات والأحزاب الموقّعة على وثيقة قرطاج، مبيّنا في الآن نفسه أنّ هذه الوثيقة تطرّقت كذلك إلى بعض القضايا السياسية العامّة كالهيئات الدستورية والمحكمة الدستوريّة والقانون الانتخابي، فيما أحالت مسائل أخرى إلى لجنة الرؤساء للنظر فيها ومناقشتها واتخاذ قرار في شأنها، على غرار هيكلة الحكومة. كما أشار إلى أن الوثيقة تحدد برنامج عمل الحكومة التي ستنفّذها سواء حكومة يوسف الشاهد بتركيبتها الحالية أو بعد إدخال تحوير عليها، وفق ما سيحدّده الموقّعون على وثيقة قرطاج. و لم يخفِ الاتحاد العام التونسي للشغل احترازه من محتوى وثيقة "قرطاج 2″، إلى حد إعلان رفض توقيعها والانخراط فيها، خصوصا فيما يتعلق بالنقاط المرتبطة بالإصلاحات الاقتصادية الهيكلية وملف خوصصة حصة من المؤسسات العمومية، وإصلاح الصناديق الاجتماعية، والإجراءات المالية والجبائية المؤلمة، كما يصفها خبراء الاقتصاد. وكان الأمين العام لاتحاد الشغل، نورالدين طبوبي قد انسحب من جلسة 18 أفريل الماضي، ليتكرر السيناريو مع ممثلي المنظمة الشغيلة في الاجتماع الموالي، ما دفع بقية مكونات اتفاق قرطاج إلى إرجاء المحاور الخلافية والنقاط الحارقة إلى جلسة رؤساء وقادة وثيقة قرطاج، والاكتفاء بصياغة عدد من الأولويات التي لا تخلو من خلافات بدورها. ولم ينته سيناريو الاختلاف عند لجنة الخبراء ليعلن الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، سامي الطاهري، أن المنظمة الشغيلة لن توقع وثيقة تتضمن قرارات وإجراءات مختلفة عن وثيقة قرطاج الأصلية من حيث الأولويات، لافتا إلى أن هناك توجهات ليبرالية لا يمكن للاتحاد العام التونسي للشغل قبولها أو الالتقاء معها في هذه المرحلة أوفي المرحلة القادمة. وأضاف الطاهري في تصريح سابق لموزاييك، أنّه تمت احالة عمل اللجنة الفنية إلى رؤساء المنظمات والاحزاب الذين سيجتمعون في فترة قادمة من اجل النظر في هذه النقاط. وتابع "نعيدها الاتحاد لن يمضي على قرارت لا تلتقي ومصالح العمال والمواطنين في المجالين الاجتماعي والاقتصادي". كل ذلك خلق جملة من التساؤلات حول مصير وثيقة "قرطاج 2″، في ظل تواصل رفض المنظمة الشغيلة التوقيع عليها في صيغتها الحالية، غير أن سيناريو المرور من دون الطرف الاجتماعي الرئيسي يعد مجازفة يسقط بعدها أي حديث عن وحدة وطنية مستقبلا. وكان الإجتماع الأول للجنة قد انعقد في 19 مارس 2018، وأكّد خلاله رئيس الجمهورية، الباجي قايد السبسي أنّه « ليس لتقديم مقترحات جديدة خارج إطار وثيقة قرطاج، بل لتقييم درجة التقدم في إنجاز أولوياتها وتهيئة الأسباب الكفيلة بحسن تنفيذها، عبر إزالة كل الإلتباسات وتحديد خطة عمل للمرحلة القادمة »، معربا عن يقينه بأن « الوضع العام سيحرز تقدما ». يذكر أن الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، كانت قد إتفقت خلال اجتماعها يوم 3 مارس 2018 بقصر قرطاج، باشراف رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي، على تكوين لجنة (إثنان عن كل حزب ومنظمة من الأطراف الموقعة على الوثيقة)، لتدارس الجوانب المتعلقة بالاصلاحات الضرورية التي يجب أن يخضع لها الإقتصاد التونسي وتحديد الأولويات