لا يخفى عن أحد ما يطوّق القطاع العام من مظاهر فساد ورشوة ومحاباة ما يكلف الدولة خسائر بالجملة، بيد أن ما يخفى عن البعض ان أخطاء التسيير والتصرف صلب إدارات ومؤسسات القطاع العام تكلف الدولة أضعافا مضاعفة، و هو ما أكده رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية كمال العيادي، الذي صرح بأن "أخطاء التصرف يمكن أن تكلف الدولة خسائر أكثر بكثير من خسائر الفساد". وأضاف العيادي بأن الرأي العام في تونس يهتم بالاختلاسات وبالفساد فيما يغض الطرف عن الأخطاء وسوء التصرف، مؤكدا أن "المعركة الحقيقية هي المعركة ضد سوء الحوكمة". وأوضح أن سوء الحوكمة يشمل الفساد وسوء التصرف والنقائص. و في خضم هذا الشأن، أفادت تقارير اعلامية بأن السلطات بصدد إعداد خطة وبرامج جديدة من شأنها الحد من مظاهر التقصير في تناول ملفات الموارد المالية والإدارية داخل مؤسسات القطاع العام. وكانت الهيئة قد سلمت مؤخرا تقاريرها بشأن تقييمها لعمل هياكل الرقابة في القطاع العام لعامي 2016 و2017 إلى رئاسات الجمهورية والحكومة ومجلس النواب، والتي تضمنت خلاصة أعمال الهيئة وملاحظاتها إلى جانب مقترحات أعدتها وتتعلق بسبل الإصلاح والإجراءات الحكومية التي يمكن إقرارها بناء على ما ورد في تقرير الهيئة الرقابية. وبحسب تقرير الهيئة تم رصد 4039 تقصيرا في مجال التصرف العمومي المالي والإداري بين عامي 2016 و2017. وأكد رئيس هيئة الرقابة الإدارية والمالية أن البعض من هذه الملفات وصلت حد الفساد وتمت إحالتها إلى القضاء. وأكد العيادي أن "الأخطاء الشائعة لها تأثير هام على المستوى المالي خاصة أنها تنخر التصرف العمومي الذي شهد تراجعا". وأقر بأن تبعات هذه الممارسات تقع على عاتق مؤسسات القطاع العام. وشدد العيادي على أهمية وضرورة تخصيص أموال لتعزيز المراقبة العمومية، حيث قال إن "الاستثمارات في هذا المجال ضعيفة مقارنة بالمبالغ المخصصة للرقابة ومكافحة الفساد". وشملت التقارير رؤية الهيئة بشأن كيفية تجاوز أخطاء سوء التصرف في القطاع العام. جدير بالإشارة إلى أن رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية صرح سابقا بأن الأخطاء التي يرتكبها مسؤولو الموارد المالية والبشرية بمؤسسات القطاع العام "تجاوزت قدرات الهياكل الرقابية وقدرات الهيئة". واعتبر أن هذه الأخطاء باتت راسخة في قطاع الموارد المالية والبشرية رغم كل الجهود المبذولة للتصدي لها وهو ما يستوجب إجراءات حكومية جديدة.