إلى نهاية شهر فيفري من سنة 2018 الجارية كان الاتحاد العام التونسي للشغل يرفض بشكل واضح مطالب تغيير رئيس الحكومة يوسف الشاهد متحجّجا بالظرف الحساس الذي تمر به البلاد وبضرورة حشد الدعم السياسي اللازمة للحفاظ على الإستقرار وتمكين الفريق الحكومي من القيام بإصلاحات تحول دون تفاقم الأزمة الإقتصادية والإجتماعية وتفاقم العجز. بشكل مفاجئ إنقلب موقف الإتحاد إلى النقيض وأصبح رأس الحربة في المطالبة برحيل رئيس الحكومة يوسف الشاهد في الأشهر الأخيرة ومؤخّرا يقود أمينه العام نور الدين الطبوبي مشاورات جمعته بعدّة أحزاب من بينها نداء تونس حزب رئيس الحكومة نفسه لإقالة الشاهد والقيام بتحوير وزاري عميق وهو نفس المطلب الذي أدّى تمسّك المنظمة الشغلية به في حوارات وثيقة قرطاج 2 إلى تعليق الجلسات وفشل الحوار بعد جلسة تصويت كانت الغلبة فيها للإبقاء على الشاهد في القصبة. يوم الخميس 28 جوان الجاري أشرف كلّمن الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد على جلسة استئناف المفاوضات الإجتماعية التي إنتهت إلى إتفاق على حلّ كل الملفات العالقة في حدود 6 جويلية إلى جانب إتفاق على النظر في مسألة تدهور المقدرة الشرائية في جلسة يوم 10 جويلية. خلال الجلسة الإفتتاحية أكّد يوسف الشاهد بإطناب في كلمته على أن دور الاتحاد العام التونسي للشغل أساسي في بناء الديمقراطية الاجتماعية التي يُطمح اليها، مشددا على أن الحكومة تتقاسم مع الاتحاد "هاجس توفير وتطوير المكاسب الاجتماعية في تونس" معتبرا ان الجلسة تُعد"خطوة ابجابية في اطار مواصلة الحوار الاجتماعي برغبة صادقة وبتغليب المصلحة الوطنية على كل المصالح الأخرى". الشاهد واصل مغازلة المنظمة الشغيلة موضّحا أن الجكومة ومنذ توليها مهامها حاولت تطوير المكتسبات الاجتماعية رغم الظروف الاقتصادية الصعبة، قائلا "اتخذنا العديد من الاجراءات كمراجعة السلم الضريبي والترفيع في عدد العائلات المعوزة واقرار مجانية التنقل بالنسبة لأبنائها التلاميذ" مشيرا الى أن "أيدي الحكومة ممدودة للحوار لأنه السبيل الوحيد للخروج بتونس من كل الأزمات، مذكّرا بالمكاسب الاجتماعية التي تحققت في اطار الدولة الوطنية أي منذ الاستقلال". مغازلة يوسف الشاهد لم تؤتي أكلها بالشكل المطلوب فقد اعتبر الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل في مقطع فيديو نشرته الصفحة الرسمية للاتحاد على شبكة التواصل الإجتماعي فايسبوك ان التفاوض لا يتعارض مع موقف المركزية النقابية الداعاية والمتمسكة بتغيير عميق يشمل رأس الحكومة. رغم أن نهج الحوار في تونس قد بات الحلّ الأنسب لإدارة الإختلاف في المشهد وإقتناع أغلب الفرقاء بذلك وبالرغم خاصّة من الظرف الحساس الذي تمرّ به البلاد وتجربتها قابل الإتحاد مغازلة رئيس الحكومة بالتمنّع في موقف يطرح أكثر من نقطة إستفهام خاصّة حول الغايات والخلفيات الحقيقيّة للإصرار على عزل يوسف الشاهد.